بحصولها ، وكذلك لو أرجعناه إلى الهيئة فان المادة تتقيد به قهرا ، فحينئذ لا محيص عن الالتزام بتقيد كل من المادة والهيئة بالقدرة وخروج غير المقدور عن حيّز الطلب ، فالمبنيان يتعاكسان فان الأوّل يوجب تقييد المادة ابتداء وتقييد الهيئة ثانيا ، والثاني بالعكس ، وبالأخرة هما يشتركان في تقييد كل من المادة والهيئة.
هذه هي خلاصة ما يأتي في محله شرحه إن شاء الله تعالى من كون المسألة من باب التكليف بالممتنع أو من باب التكليف الممتنع.
أما هذا الوجه الأوّل الذي أفاده شيخنا قدسسره في مقام الايراد على المحقق قدسسره بقوله : وفيه أن ما ذكره قدسسره إنما يتم بناء على أن يكون منشأ اعتبار القدرة شرطا للتكليف هو قبح تكليف العاجز الخ ، في قبال الوجه الثاني الذي أفاده بقوله : وأما إذا بنينا على أن اعتبار القدرة إنما هو لاقتضاء نفس التكليف ـ إلى قوله ـ توضيح ذلك : أن الآمر إنما يأمر بشيء ليحرك عضلات العبد نحو الفعل بالارادة ... إلخ (١) فلم أتوفق لفهمه ، فان مقتضى الوجه المقابل للوجه الثاني هو كون القدرة قيدا ابتدائيا في المكلف به حسبما عرفته ، أما هذا الوجه الذي هو مجرد قبح تكليف العاجز على وجه لا يكون راجعا إلى أحد الوجهين المتقدمين ، فمما لم أتوفق لفهم المراد منه ، فلاحظ وتأمل.
وعلى أيّ حال نحن بعد أن قلنا بتعلق الأمر بصرف الطبيعة على نحو يكون المطلوب منها هو صرف الوجود لا الطبيعة السارية ، لم يكن عدم القدرة على بعض أفرادها موجبا لتخصيص المتعلق ، سواء كان المانع من تعلق الطلب بغير المقدور هو قبح تكليف العاجز ، أو كان المانع منه هو
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٣ ـ ٢٤ [ المنقول هنا مخالف للنسخة القديمة غير المحشاة ].