إطلاق الخطاب الراجع إلى مقام التزاحم دون التعارض.
ومنه يظهر لك الفرق بين المثال ومثل صلّ ولا تغصب بناء على الاجتماع من الجهة الاولى استنادا إلى كون التركيب انضماميا لا اتحاديا ، فان الشخص المجمع في المثال الأوّل يكون مأمورا به من القرن إلى القدم ، كما أنه يكون منهيا عنه كذلك ، وحيث إن ذلك محال في مقام الثبوت كان بينهما تكاذب في مقام الحكاية عن الواقع ، بخلاف المجمع في الصلاة والغصب فانه إنما يكون المأمور به هو ناحية الصلاة منه المعبّر عنه بمقولة الوضع ، والمنهي عنه هو ناحية الغصب منه المعبّر عنه بمقولة الأين ، فلا تلاقي بين الحكمين كي يكونا متنافيين في مقام الثبوت ، وإنما يكون التدافع بينهما في مقام الامتثال من جهة عدم القدرة ، فلا يكونان إلاّ متزاحمين.
فقد تلخص لك : أن الفرق بين التعارض والتزاحم في مورد التدافع والتضاد يكون من وجوه ، وإن شئت فقل : إن المورد في التعارض والمورد في التزاحم يختلف كل منهما عن الآخر من وجوه :
الأوّل : أن مورد التعارض هو التدافع بين نفس الحكمين مع قطع النظر عن عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما ، ومورد التزاحم هو التدافع الناشئ عن مجرد عدم القدرة مع فرض إمكان اجتماعهما بنفسهما. وهذا المقدار من الفرق كبروي ربما حصلت المناقشة في بعض صغرياته وإلحاق ما يكون ناشئا عن عدم القدرة بالتدافع الذاتي كما لو كان عدم القدرة دائميا ، وما لا يكون المنشأ فيه هو عدم القدرة بالتزاحم ، كما في مثال الزكاة الآتي ذكره في أقسام التزاحم إن شاء الله تعالى (١).
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٣ ، راجع أيضا الصفحة : ٢٩٠ وما بعدها من هذا المجلّد.