أنّهما متحدان زمانا ، فيكون مأمورا بكل من الضدين في آن واحد فيعود المحذور.
لأنّا نقول : ليس المحذور في اجتماعهما إلاّ ما عرفت من التدافع المنتهى إلى الأمر بالجمع بين الضدين ، وذلك التدافع مندفع بما ذكرنا من الطولية الموجبة لتعاكسهما في الاقتضاء ، فانّ الأمر بالأهم (١) وإن كان مقتضيا له إلاّ أنّ اقتضاءه له عين هدمه لموضوع الأمر بالمهم ، والأمر بالمهم إنّما يكون مقتضيا للمهم على فرض عدم تحقق ما يقتضيه الأمر بالأهم من رفع نقيضه الذي هو عدم الأهم. وهذا كلّه مستفاد ممّا أفاده شيخنا قدسسره (٢) من أنّ الأمر بالأهم لا ينزل إلى مرتبة الأمر بالمهم ، والأمر بالمهم لا يكون صاعدا إلى مرتبة الأمر بالأهم.
وأمّا ما في الكفاية (٣) من تسليم القضية الثانية وإنكار القضية الاولى فهو ممّا لا نعرف له معنى محصلا ، وكأنّه قدسسره يرى أنّ الأمر بالأهم لمّا كان مطلقا من جهة عدم متعلقه فيكون متحققا عند عدم متعلقه ، الذي يكون الأمر بالمهم متحققا عنده أيضا.
وفيه : ما عرفت من استحالة إطلاق الأمر بالأهم بالنسبة إلى عدم متعلقه ، مع أنّه قدسسره إذا سلّم أنّ الأمر بالمهم لا يصعد إلى مرتبة الأمر بالأهم لكونه متأخرا عنه رتبة فكيف يعقل أن يكون الأمر بالأهم نازلا إليه ، وهل ذلك إلاّ إنكار لما بينهما من التقدم والتأخر الرتبي. وبالجملة فانّ تسليمه للقضية الثانية وإنكاره للقضية الاولى من قبيل الجمع بين المتنافيين ، فتأمل.
__________________
(١) [ في الأصل : بالمهم ، والصحيح ما أثبتناه ].
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٧٢ ، ٧٣.
(٣) كفاية الأصول : ١٣٤.