ومن ذلك يظهر لك أن لازم مسلكهما هو تعدد العقاب لو تركهما ، لأن المفروض أن نسبة كل منهما إلى الآخر نسبة المسقط ، نعم بناء على ما سلكناه لا يكون في البين إلاّ عقاب واحد ، إذ لا خطاب إلاّ بأحدهما. أما من حيث أصالة الاشتغال فمسلكنا مساو لمسلكه قدسسره ولمسلكهما أيضا ، فلاحظ وتدبر.
قوله : وأما على المختار فحيث إن الاشتغال بامتثال كل منهما هو الذي يكون مسقطا ... الخ (١).
يمكن المناقشة فيه بناء على مسلكه قدسسره من وجوب حفظ القدرة ، أنه يجب حفظ القدرة للثاني ، فيكون مزاحما لوجوب القيام الأوّل ، فينبغي أن يقال إنه قبل أن يشرع في القيام الأوّل قد تحقق في حقه كل من التكليفين ، ويكون عدم القيام الأوّل اشتغالا بحفظ القدرة للثاني ، فيكون ذلك مسقطا لوجوب القيام الأوّل ، ولا أقل من التخيير بين امتثال أمر القيام الأوّل أو امتثال حفظ القدرة للثاني ، هذا على مسلكه قدسسره.
وأما على مسلكهما قدسسرهما فالذي ينبغي أن يقال هو لزوم القيام الأوّل ، لما عرفت (٢) من كون التخيير بينهما من قبيل ذي الملاكين ، فيكون سقوط كل منهما متوقفا على فعل الآخر ، وحيث إن القيام الثاني متأخر عن القيام الأوّل فالقيام الأوّل في ظرفه لم يحصل مسقطه ، فلا يمكن التخلف عن الأمر المتعلق به. نعم على ما سلكناه من كون الواجب والمخاطب هو أحدهما يكون قضية ذلك جواز ترك القيام الأوّل إلى القيام الثاني.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٧ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) في الحاشية السابقة.