قوله : أمّا الأوّل فلأنّ لازم الخطاب الترتبي في المقام وإن كان هو الالتزام بشرطية عنوان التعقب ، إلاّ أنّها بمقتضى حكم العقل كما في موارد الاشتراط بالقدرة ... إلخ (١).
توضيح ذلك : أنّه بعد الفراغ عن حرمة المقدّمة ذاتا ، والفراغ عن أهمية الواجب وسقوط حرمتها الذاتية لأجل ذلك ، وبعد الفراغ عن أنّ ما هو الواجب من المقدّمة لا يمكن أخذ قيد الإيصال فيه ولا يمكن أخذ قيد قصد التوصل فيه ، ولا يمكن القول أيضا بأنّ الواجب هو الذات التي تكون توأما مع الإيصال الى الواجب ، ولا يمكن أيضا أخذ إرادة فعل الواجب قيدا في وجوبها ، كل هذه التوجيهات قد فرغنا عن إبطالها.
وبعد ذلك كلّه قد بقينا في قبال ذلك الذوق الفقهي ، الذي كان محصّله هو استبشاع الذوق الحكم على سلوك الأرض المغصوبة بأنّه واجب حتى في مورد يكون سلوكها لأجل التنزّه أو تعمّد الغصب لا لأجل إنقاذ ذلك الغريق ، لم يكن لنا حينئذ بد من دفع ذلك الاستبشاع بأن نقول : إنّ السلوك الذي لا يتعقبه الإنقاذ يكون حراما ، فتكون الحرمة مترتبة على تقدير عدم الإنقاذ ، وهذا هو معنى الترتب في حرمة السلوك ، بأن نقول : إنّه إذا عصى ولم ينقذ ذلك الغريق يكون سلوكه في تلك الأرض حراما ، وحيث إنّ ظرف العصيان متأخر عن ذلك السلوك فتكون حرمته سابقة على العصيان ، ويكون من باب الشرط المتأخر ، ويكون اللازم حينئذ هو الالتزام بكون الشرط هو عنوان التعقب بالعصيان.
وهو وإن كان محتاجا الى الدليل إلاّ أنّه يكفي في الدليل عليه ما
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١١٠ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].