وجود ذلك الضد الآخر ، لكان راجعا إلى الأوّل ، وكان ذلك هو ملاك الالحاق المذكور ، لكنه حينئذ كان مختصا بالضدين اللذين لا ثالث لهما حيث إن ما يكون لهما ثالث لا يكون وجود غير المأمور به متحدا مع نقيض المأمور به على وجه يكون عدم ذلك المأمور به متحدا معه في الخارج.
قوله : بداهة أنه عند وجود أحد الضدين يستحيل وجود المقتضي للضد الآخر ، فعدمه مستند إلى عدم مقتضيه لا إلى وجود الضد ... الخ (١).
لا يخفى أن هذا كله يدور على مطلب واحد وهو استحالة اجتماع المقتضيين ، فان هذا هو الذي أخذه قدسسره برهانا على منع المانعية من الطرفين ، بضميمة أن المانع إنما يكون مانعا إذا كان المقتضي للممنوع موجودا ، فلا يكون وجود أحد الضدين مانعا من الآخر ، لأنه حينئذ إنما يكون مانعا إذا كان مقتضي الآخر موجودا ، فيلزم منه أن يكون مقتضي الضد المعدوم الذي هو الممنوع مجتمعا مع مقتضي الضد الموجود الذي هو المانع ، وقد تحقق امتناع اجتماع المقتضيين.
ويمكن التأمل في ذلك أوّلا : باجتماع الارادتين من شخصين. وثانيا : بتأتي الاشكال في جميع الموانع ولو في غير الضدين ، فان المانع لا يعقل اجتماعه مع الممنوع لتنافيهما ، فيكون هذا التنافي موجبا للتنافي بين مقتضاهما ، فلا يعقل اجتماع مقتضي الممنوع مع ما هو مقتضي المانع ، فعند وجود مقتضي المانع يكون مقتضي الممنوع معدوما ، وعند انعدام مقتضي الممنوع لا يكون المانع مانعا.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٢ ـ ١٣.