يتأتى هذا الدفع بعينه في المقدمات العقلية بأن يدعى أن الشرط ليس هو ذات المتأخر ، بل الشرط هو العنوان المنتزع له باعتبار تقدمه على ذلك المتأخر ، فلاحظ.
اللهم إلاّ أن يدعى أن العنوان المنتزع لا يدخل في المقدمات العقلية والعلل والمعلولات الخارجية ، إذ لا تحقق خارجا للعنوان المنتزع كي يكون جزء العلة الحقيقية. نعم يمكن القول بمدخليته في الأمور الاعتبارية كالتكاليف والأحكام الوضعية كالملكية والرقية والزوجية ونحو ذلك.
قوله : مدفوع بأن السبق إنما ينتزع عن نفس السابق بالقياس إلى ما لم يوجد بعد ... الخ (١).
لكن لا بدّ من وجود اللاحق في ظرفه في علم الله ، فلو لم يكن يوجد في ظرفه لم يكن الأول موردا لانتزاع عنوان السابق ، وفي الحقيقة أن السابق إنما ينتزع عن نحو وجود السابق ، وليس للاحق دخل في انتزاعه منه ، وإن كان أنه لو لم يوجد لم ينطبق على الأول عنوان السابق ، غاية الأمر أن وجوده فيما يأتي ملازم لانتزاع عنوان السابق للأول لا أنه له دخل فيه هذا.
ولكن قد يقال : إنه بعد فرض الملازمة بين هذا العنوان وبين ذلك الوجود المتأخر إن كان منشأ التلازم هو كون العنوان المذكور علة للوجود اللاحق ، كان من قبيل تأخر المعلول زمانا عن علته وهو محال ، وإن كان الأمر بالعكس كان محالا أيضا لاستحالة تقدم المعلول على علته زمانا ، وإن كانا معلولين لعلة ثالثة كان محالا أيضا ، ضرورة كشف وجود المعلول الأول
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٢٢ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].