والمستفاد من ذلك هو أن المشروط بالقدرة الشرعية ، كالمشروط بالقدرة العقلية في توقف سقوطه بالمزاحمة على العلم بذلك التكليف المزاحم ، بحيث إنه لو لم يكن عالما بذلك التكليف لا يكون ذلك التكليف المجهول مزاحما لما بيده من التكليف المشروط بالقدرة الشرعية ، كما هو الحال في المشروط بالقدرة العقلية ، وحينئذ يكون الجهل بذلك التكليف الواقعي رافعا للمزاحمة ، بمعنى أنه لا يكون موجبا لسلب القدرة على ما بيده من التكليف ، فيكون ذلك على خلاف ما يستفاد من حكمهم ببطلان الوضوء عند الجهل بالضيق من أن ذلك الجهل لا يرفع المزاحمة ، ويكون التكليف المعلوم المتعلق بايقاع الصلاة في الوقت مزاحما للتكليف بالطهارة المائية وإن كان جاهلا بمزاحمتها لايقاع الصلاة في الوقت لتخيله سعة الوقت لهما ، إلاّ أن يكون المنشأ في الحكم ببطلان الوضوء في الصورة المزبورة هو الأدلة الخاصة مثل حسنة زرارة المتقدمة (١) ، فتأمل.
قوله : فيقدّم فيه ما كان الاشتراط فيه عقليا فانه قابل لأن يكون رافعا لشرط الآخر ومعجّزا ... الخ (٢).
ويمكن تقريب الحكومة بنحو آخر وهو أن يقال : إن كون أحد التكليفين سالبا للقدرة على الآخر إنما هو بخطابه المقتضي لانشغال المكلف فيه لا بملاكه ، ومن الواضح أن مرتبة الملاك مقدمة على مرتبة الخطاب ، وحينئذ لو كان أحدهما مشروطا بالقدرة شرعا دون الآخر كان الآخر رافعا لملاك الأوّل ، من دون أن يكون ذلك الأول قابلا لأن يرفع الخطاب بالثاني ، لأن المفروض أن الثاني قد رفع ملاك الأوّل قبل أن يصل
__________________
(١) في صفحة : ١٨٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٦ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].