ويمكن أن يقال : إن اجتماع مقتضي المانع مع ما هو مقتضي الممنوع لا مانع منه إذا لم تكن المانعية إلاّ من طرف واحد ، كما في مقتضي الاحراق وهو النار ومقتضي الرطوبة وهو الماء أو مقتضي الماء ، فانه لا مانع من اجتماعهما إذا فرضنا أن ما يقتضيه الماء وهو الرطوبة مانع مما تقتضيه النار وهو الاحتراق دون العكس ، فان الاحتراق الذي هو الممنوع ليس بمانع عن الرطوبة ، وهذا بخلاف ما لو كان التمانع من الطرفين فان اجتماع المقتضيين محال كاجتماع المتمانعين.
ولكنه أيضا لا مانع من اجتماع المقتضيين للضدين ، فان أقصى ما فيه أن يقع التزاحم بين المقتضيين ، فيكون المؤثر ما هو الأقوى منهما ، وإن تساويا لم يؤثر شيء منهما ، كما هو الحال في باب تزاحم الأمرين اللذين تعلق أحدهما بأحد الضدين وتعلق الآخر بالضد الآخر ، غايته أنه عند تزاحم الأوامر مع عدم وجود الأقوى يكون المكلف مخيّرا بين المتعلقين لا أنه يسقط الأمران معا على وجه يجوز له تركهما ، وسيأتي في كلام شيخنا قدسسره ما يدل على ذلك ، وذلك قوله في مقام الرد على المحقق الخونساري : ثم إنه كان من الواجب على المحقق الخونساري أن يمنع استناد عدم أحد الضدين إلى وجود الآخر ... إلخ (١).
أما ما تضمنته الحاشية من قوله في تصحيح اجتماع المقتضيين : لأن كلا من المقتضيين إنما يقتضي أثره في نفسه ومع قطع النظر عن الآخر ... الخ (٢).
ففيه : أنه لا ريب في أن كلا من المقتضيين إنما يقتضي أثر نفسه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٥.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ١٢.