لاحتراق الحطب فكذلك الماء علة في عدم احتراقه ، وحينئذ يكون المقدم هو الأقوى ، وعند وجود الأقوى يمتنع تأثير الضعيف ، فلو قلنا بالمانعية فانما هي قوة المقتضي على المقتضي الآخر ، لا أن وجود المعلول في هذا يكون مانعا من وجود المعلول في الآخر ، وشيخنا قدسسره (١) وإن ذكر مثل هذا في الضدين إلاّ أنه جار في كل مقتض ومانع ، بل قد عرفت أنه لا محصل للمانعية إلاّ قوة هذا المقتضي على المقتضي الآخر.
قوله : إلاّ أن لازمه إنكار أصل التوقف والمقدمية في المقام لا إنكار لزوم الدور ... إلخ (٢).
إن قيل : إن حاصل ما أفاده قدسسره في المنع عن كون فعل أحد الضدين مقدمة لترك الآخر ، وكون ترك أحدهما مقدمة لفعل الآخر ، أن المقدمية المذكورة تتوقف على المانعية ، وهي أعني المانعية متوقفة على تحقق المقتضي وهو محال ، فتكون المقدمية المذكورة محالا ، والمراد بالمقتضي هنا هو الارادة المتعلقة بالفعل المدعى كون ترك ضده مقدمة له أو كون فعل ضده مقدمة لتركه ، فيلزم من ذلك أن تكون المقدمية متوقفة على إرادة ذي المقدمة ، وهو نظير ما عن المعالم بل أسوأ منه.
وتوضيح ذلك : أنه بناء على ما تقدم من توقف كون الشيء شرطا أو مانعا على تحقق المقتضي الذي هو الارادة ربما يتوهم أنه نظير ما في المعالم (٣) من توقف وجوب المقدمة (٤) على تحقق إرادة ذيها ، حيث إنه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٥.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٤.
(٣) معالم الدين : ٧١.
(٤) [ في الأصل : توقف الوجوب ، والمناسب ما أثبتناه ].