ولكن لا يبعد أن يكون هذا الذي أفاده شيخنا قدسسره هو مراد السيد كما ربما يظهر ذلك من عبارته في كتاب الصلاة ، أعني قوله : وذلك لأن الصلاة من حيث هي راجحة ، ومرجوحيتها مقيدة بقيد يرتفع بالنذر إلخ (١) ، فكأنه يقول إن ذات الصلاة راجحة وتعلق النذر بذاتها صحيح ، وبعد صحته تخرج تلك الذات عن كونها تطوعا ، فهو عين ما أفاده شيخنا قدسسره.
ومن ذلك كله يتضح لك أنه لا بدّ لمن يريد تصحيح النذر في مثل ذلك من الاعتماد على هذا الذي أفاده شيخنا قدسسره ، وبدونه يتوجه عليه الاشكال المذكور ، فما في الحاشية على هذا التقرير من أن ذلك لا يستلزم أن تكون جميع المحرمات محللة بالنذر (٢) مما لم يتضح وجهه كما أن ما فيها من أنه : لا فرق بين القول باشتراط انعقاد النذر برجحان متعلقه في نفسه ، والقول بكفاية الرجحان الناشئ من متعلق النذر ـ إلى قوله : ـ فلا نتيجة عملية إلخ (٣) ، مما لم يظهر وجهه ، حيث إنك قد عرفت أنه على القول الأوّل لا يمكننا الحكم بصحة نذر العبادة المرجوحة إلاّ بالنص أو بالطريقة التي أفادها شيخنا قدسسره بخلافه على القول الثاني. نعم قد عرفت التأمل في الطريقة التي سلكها شيخنا قدسسره ، فبناء على ذلك التأمل يلزمنا القول ببطلان ذلك النذر على القول الأوّل بخلافه على القول الثاني ، وحيث إنه لا ريب في بطلان القول الثاني كان المتعين هو الحكم ببطلان النذر المذكور.
وخلاصة هذا المبحث وزبدة المخاض منه : هو أن هذه الستة ـ أعني الاجارة والصلح والشرط في متن العقد واليمين والعهد والنذر ـ لو زوحمت بواجب مشروط بالقدرة العقلية كان مقدما عليها ، سواء تأخرت
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٢ : ٢٧٤ / المسألة (١٧).
(٢ و ٣) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٤٠.