الاشكال ، وذلك الاشكال في مانعية كل من الشيئين للآخر ، فان مقتضى كون هذا مانعا عن ذاك هو كونه واقعا في رتبة علته وجودا أو عدما ، فيكون سابقا في الرتبة على ذاك ، وذلك بعينه جار في كون ذاك مانعا من هذا فيكون كل منهما سابقا في الرتبة على صاحبه ، فيكون سابقا في الرتبة على نفسه.
والحاصل : أن المانع وإن لم يكن وجوده مؤثرا في وجود الممنوع بمعنى أنه ليس جزء العلة المؤثرة ، وأن أقصى ما فيه هو أن وجوده يكون مانعا من تأثير المقتضي في وجود الممنوع ، وأنه عند عدمه يكون المقتضي مؤثرا في وجود الممنوع ، إلاّ أنه يكون واقعا وجودا أو عدما في رتبة العلة بالنسبة إلى الممنوع ، فيكون سابقا في الرتبة على الممنوع ، وحينئذ يستحيل كون كل من الشيئين مانعا من الآخر ، لانتهائه إلى كون كل منهما سابقا في الرتبة على نفسه ، فيتأتى فيه عين إشكال الدور الناشئ عن كون كل منهما علة مؤثرة في صاحبة.
ولعل هذا هو المراد مما أفاده المرحوم شيخنا المحقق الآغا ضياء قدسسره في مقالته ـ فانه بعد أن أجاب عن إشكال الدور بما يرجع إلى إنكار المانعية ، قال ما هذا لفظه : نعم الذي يرد على المقدمية في الطرفين هو استلزام كون وجود كل واحد في رتبة متأخرة عن الآخر ، نظرا إلى حفظ الرتبة الواحدة بين النقيضين ، ونفس هذه الجهة محذور مستقل ، بل هو في الحقيقة وجه استحالة الدور أيضا ، انتهى (١) ـ لو لا قوله : نظرا إلى حفظ الرتبة الواحدة بين النقيضين ، فان هذه الجملة لا تساعد على إرادته ما
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٣٤٠.