ادعاء رجوع تقييد المكلف إلى تقييد المكلف به. وبعبارة اخرى أنه يمكن التأمل أوّلا : في رجوع الوجه الأوّل إلى تقييد المكلف نفسه ، بل قد يقال إنه راجع إلى تقييد المكلف به. وثانيا : أنا وإن سلّمنا كون الأوّل راجعا إلى تقييد المكلف فهو أيضا موجب لحصر الأمر بما عدا القادر (١) ، وقهرا يكون الوجوب منحصرا بمورد القدرة.
ويمكن أن يقال : إن وجه الفرق بين الوجهين أن الحكم العقلي في الثاني يوجب سحب الأمر إلى ما بعد فعل المضيق ، فلا يكون الأمر موجودا في وقت المضيق ، بخلافه على الوجه الأوّل فانه لا يوجب سحب الأمر إلى ما بعد المضيق ، بل أقصى ما فيه أنه يوجب تأخير الموسع إلى ما بعد المضيق ، مع الاعتراف بأن الفرد الموجود من الموسع في وقت المضيق فرد للطبيعة المأمور بها.
وفيه تأمل ، لأن العقل بعد حكمه بعدم مطلوبية غير المقدور ، يكون حاكما بعدم مطلوبية ذلك الفرد المزاحم للمضيق ، لكونه غير مقدور له بواسطة سلب القدرة عنه إلى فعل المضيق.
وقد يقال : إنه لا تزاحم بين الموسع والمضيق ، نظير ما قالوه في عدم التزاحم بين المستحبات ، لعدم اشتمالها على تحتيم الفعل ، فكذا الحال فيما نحن فيه فان الفرد من الموسع المزاحم بالمضيق لمّا لم يكن فيه تحتيم ، لم يكن الأمر به مزاحما للأمر بالمضيق ، ولو بأن يقال إن الأمر بالطبيعة لا يكون مشتملا على النظر إلى الأفراد ، وإنما المنظور فيه هو صرف الطبيعة من حيث الوجود وهي مقدورة ، غاية الأمر أن الأمر بالمضيق
__________________
(١) [ هكذا في الأصل ، ولعل الصحيح : حصر الأمر بالقادر ].