[٢ / ٣٣٤٠] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : (وَأَرِنا مَناسِكَنا) قال : أراهما الله مناسكهما : الموقف بعرفات ، والإفاضة من جمع ، ورمي الجمار والطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة (١).
[٢ / ٣٣٤١] وقال مقاتل بن سليمان : ثمّ قالا : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) يعني مخلصين لك (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا) يعني علّمنا مناسكنا. نظيرها : (بِما أَراكَ اللهُ)(٢) يعني بما علّمك الله. ونظيرها : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ)(٣) يعني يرى الله. ونظيرها أيضا : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)(٤) يعنى ويعلم. ونظيرها : (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا) يعني وليرى الله (وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ)(٥) يعني ويرى.
(وَأَرِنا مَناسِكَنا) فنصلّي لك (وَتُبْ عَلَيْنا) يعني إبراهيم وإسماعيل أنفسهما (إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ففعل الله ـ عزوجل ـ ذلك به فنزل جبريل فانطلق بإبراهيم إلى عرفات وإلى المشاعر ليريه ويعلّمه كيف يسأل ربّه (٦).
[٢ / ٣٣٤٢] وأخرج الطيالسي وأحمد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عبّاس قال : إنّ إبراهيم لمّا اري المناسك عرض له الشيطان عند المسعى ، فسابق إبراهيم فسبقه إبراهيم ، ثمّ انطلق به جبريل حتّى أراه منى فقال : هذا مناخ الناس. فلمّا انتهى إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع حصيات حتّى ذهب ، ثمّ أتى به جمرة الوسطى فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع حصيات حتّى ذهب ، ثمّ أتى به جمرة القصوى فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع حصيات حتّى ذهب ، فأتى به جمعا فقال : هذا المشعر. ثمّ أتى به عرفة فقال : هذه عرفة. فقال له جبريل : أعرفت؟ قال : نعم. ولذلك سمّيت عرفة. أتدري كيف كانت التلبية؟ : إنّ إبراهيم لمّا امر أن يؤذّن في الناس
__________________
(١) الدرّ ١ : ٣٣٤ ؛ الطبري ١ : ٧٦٩ / ١٧٠٠.
(٢) النساء ٤ : ١٠٥. قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ ...).
(٣) آل عمران ٣ : ٤٢. قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ).
(٤) سبأ ٣٤ : ٦. قوله تعالى : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
(٥) العنكبوت ٢٩ : ٣.
(٦) تفسير مقاتل ١ : ١٣٩.