كالذي جعلتني إماما يؤتمّ بي ويقتدى بي. فهي مسألة إبراهيم سأل ربّه إيّاها.
[٢ / ٣٢٠٧] كما حدّثت عن عمّار ، بالإسناد عن الربيع ، قال : قال إبراهيم : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ،) يقول : فاجعل من ذرّيّتي من يؤتمّ به ويقتدى به.
قال : وقد زعم بعض الناس أنّ قول إبراهيم : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) مسألة منه ربّه لعقبه أن يكونوا على عهده ودينه ، كما قال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) فأخبر الله ـ جلّ ثناؤه ـ أنّ في عقبه الظالم المخالف له في دينه ، بقوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : والظاهر من التنزيل يدلّ على غير الذي قاله صاحب هذه المقالة ، لأنّ قول إبراهيم ـ صلوات الله عليه ـ : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) في إثر قول الله ـ جلّ ثناؤه ـ : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) فمعلوم أنّ الذي سأله إبراهيم لذرّيّته لو كان غير الذي أخبر ربّه أنّه أعطاه إيّاه ، لكان مبيّنا. ولكنّ المسألة لمّا كانت ممّا جرى ذكره ، اكتفى بالذكر الذي قد مضى من تكريره وإعادته ، فقال : ومن ذرّيّتي بمعنى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) فاجعل مثل الذي جعلتني به من الإمامة للناس.
وقال بشأن قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ :) هذا خبر من الله ـ جلّ ثناؤه ـ عن أنّ الظالم لا يكون إماما يقتدي به أهل الخير ، وهو من الله ـ جلّ ثناؤه ـ جواب لما توهّم في مسألته إيّاه أن يجعل من ذرّيّته أئمّة مثله ، فأخبر أنّه فاعل ذلك إلّا بمن كان من أهل الظلم منهم ، فإنّه غير مصيّره كذلك ، ولا جاعله في محلّ أوليائه عنده بالتكرمة بالإمامة ، لأنّ الإمامة إنّما هي لأوليائه وأهل طاعته دون أعدائه والكافرين به.
وقال : وبهذا المعنى قال مجاهد وجماعة :
[٢ / ٣٢٠٨] كما حدّثني محمّد بن عمرو ، بالإسناد عن مجاهد : (قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : لا يكون إمام ظالما.
[٢ / ٣٢٠٩] وحدّثني المثنّى ، بالإسناد عنه : قال الله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : لا يكون إمام ظالما.
وحدّثنا المثنّى ، بالإسناد ، عن عكرمة بمثله.
[٢ / ٣٢١٠] وحدثنا ابن بشار ، بالإسناد إلى مجاهد في قوله : (قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : لا يكون إمام ظالم يقتدى به.