لابنه أبي عبد الله عليهالسلام : «يا بنيّ ، عليك بالحسنة بين السيّئتين تمحوهما! قال : وكيف ذاك يا أبه؟ قال : مثل ذلك قول الله عزوجل : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً)(١).
فالجهر بصوتك سيّئة. والإخفات به سيّئة. وابتغ بين ذلك سبيلا ، حسنة.
وهكذا قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)(٢). وقوله : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً)(٣). فأسرفوا ، سيّئة. وقتروا ، سيّئة. وكان بين ذلك قواما ، حسنة» ، قال عليهالسلام : «فعليك بالحسنة بين السيّئتين» (٤).
والمراد من الحسنة بين السيّئتين يمحوهما : أنّ الحسنة إذا وقعت موقعها المطلوب شرعا ، كانت قد أمحت سيّئتين : الغلوّ والتقصير ، لو لم تقع تلك الحسنة موضعها المطلوب.
[٢ / ٤٨٣١] وأخرج ابن عبيد والبيهقي عن إسحاق بن سويد قال : تعبّد عبد الله بن مطرّف فقال له مطرّف : يا عبد الله ، العلم أفضل من العمل ، والحسنة بين السيّئتين ، وخير الأمور أوساطها ، وشرّ السير الحقحققة» (٥).
[٢ / ٤٨٣٢] وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) قال : فأريدوا لأنفسكم الّذي أراد الله لكم (٦).
[٢ / ٤٨٣٣] وأخرج أبو عبيد والبيهقي عن تميم الداري قال : خذ من دينك لنفسك ، ومن نفسك لدينك حتّى يستقيم بك الأمر على عبادة تطيقها (٧).
[٢ / ٤٨٣٤] وأخرج الطبراني والبيهقي عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جدّه ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا تشدّدوا على أنفسكم ، فإنّما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم ، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات» (٨).
__________________
(١) الإسراء ١٧ : ١١٠.
(٢) الإسراء ١٧ : ٢٩.
(٣) الفرقان ٢٥ : ٦٧.
(٤) العيّاشيّ ٢ : ٣١٩ / ١٧٩ ؛ البحار ٦٨ : ٢١٦ ، مع شيء من التغيير لأجل الإيضاح.
(٥) الدرّ ١ : ٤٦٦ ؛ شعب الإيمان ٣ : ٤٠٢ / ٣٨٨٨.
(٦) الطبري ٢ : ٢١٣ / ٢٣٧٣.
(٧) الدرّ ١ : ٤٦٦ ؛ شعب الإيمان ٣ : ٤٠٣.
(٨) الدرّ ١ : ٤٦٥ ؛ الكبير ٦ : ٧٣ ؛ الأوسط ٣ : ٢٥٨ ؛ شعب الإيمان ٣ : ٤٠١ / ٣٨٨٤ ؛ مجمع الزوائد ١ : ٦٢ ؛ كنز العمّال ٣ : ٤٦ / ٥٤١٢.