واحتمال ثالث أن يكون عطفا على الكتاب عطف ترادف وتفسير. كما في قول الشاعر ـ وهو عديّ بن زيد ـ :
فقدّدت الأديم لراهشيه |
|
وألقى قولها كذبا ومينا |
والمين : الكذب بخداع
[٢ / ٤٧٧٢] قال عليّ عليهالسلام في ذمّ الدنيا : «فهي الجامحة الحرون والمائنة الخؤون» (١). وفلان متماين الودّ إذا كان غير صادق الخلّة. وكقول الأفوة الأوديّ :
وفينا للقرى نار يرى عندها للضّيف رحب وسعة
والرّحب والسّعة واحد ، غير أنّ السّعة أوضح.
ومثله في القرآن : : (عَبَسَ وَبَسَرَ)(٢). (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً)(٣). (فِجاجاً سُبُلاً)(٤). (وَغَرابِيبُ سُودٌ)(٥). (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً)(٦). (٧).
فإنّ العبوس هو تقطيب الوجه وتكشّره. يقال : عبّس الوجه : كلح.
والبسور أيضا تقطيب الوجه ، لكن مع زيادة تغيير اللون من شدّة الغيظ. يقال : بسر أي كلح وجهه وتغيّر.
وقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً. فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) أي ينسف الجبال ويذرّها هباء. فيدع الأرض قاعا صفصفا : مستوية الأرجاء ملساء ، لا عوج فيها أي لا تعرّج فيها ، ولا أمتا أي نشوزا في أيّ جانب من جوانبها.
والفجّ ـ جمع فجاج ـ : الطريق الواسع الواضح بين جبلين. والسبيل ـ جمع سبل ـ الطريق أو ما وضح منها.
والغربيب : الأسود الحالك. وأكثر ما يجيىء تأكيدا فيقال : أسود غربيب.
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ : ١٣٣ ، الخطبة ١٩١. الجامحة : المستعصية. والحرون ـ بالراء المهملة ـ الناقة المستعصية إذا وقفت عن السير مهما حاول راكبها.
(٢) المدّثّر ٧٤ : ٢٢.
(٣) طه ٢٠ : ١٠٧.
(٤) الأنبياء ٢١ : ٣١.
(٥) فاطر ٣٥ : ٢٧.
(٦) طه ٢٠ : ١١٢.
(٧) اللسان ١٣ : ٤٢٦.