ومحسوسا. فليكبّر الله على هذه الهداية وليشكره على هذه العناية ، وليتروّض قلبه على الطاعة ، كما نبّه عليه مطلع الحديث : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
وهكذا تبدو منّة الله في هذا التكليف الّذي يبدو شاقّا على الأبدان والنفوس. وتتجلّى الغاية التربويّة منه ، والإعداد من ورائه للدور العظيم الّذي أخرجت هذه الأمّة لتؤدّية ، أداء تحرسه التقوى ورقابة الله وحسّاسيّة الضمير!
* * *
ومن ثمّ فإنّ فضل هذا الشهر (شهر رمضان) كبير ، وعائده على العباد المؤمنين كثير. وقد ازدحمت الروايات في عظيم فضله ووفرة بركاته ما يثير العجب ، ولنذكر جانبا منها :
ناهيك من ذلك خطبة سيّد المرسلين وإمام المتّقين في آخر جمعة من شهر شعبان عند ما أطلّ شهر رمضان :
[٢ / ٤٧٠٦] روى الشيخ عماد الدين أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري بإسناده إلى الحسن بن عليّ بن فضّال عن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه عليهمالسلام عن عليّ عليهالسلام قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «أيّها الناس ، إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، شهر هو عند الله أفضل الشهور ، وأيّامه أفضل الأيّام ، ولياليه أفضل الليالي ، وساعاته أفضل الساعات. وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله ، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله.
أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة ، وعملكم فيه مقبول ، ودعاؤكم فيه مستجاب. فاسألوا الله ربّكم بنيّات صادقة وقلوب طاهرة ، أن يوفّقكم لصيامه [وقيامه] وتلاوة كتابه. فإنّ الشّقيّ من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم!»
ثمّ أخذ في بيان ما ينبغي العمل والاهتمام به في هذا الشهر وقال :
«اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه.
وتصدّقوا على فقرائكم ومساكينكم.
ووقّروا كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا أرحامكم.
واحفظوا ألسنتكم ، وغضّوا عمّا لا يحلّ النظر إليه أبصاركم ، وعمّا لا يحلّ الاستماع إليه أسماعكم.