والقول الآخر : أنّ المعدودات شهر رمضان. عن ابن عبّاس والحسن. واختاره الجبّائي وأبو مسلم. وعليه أكثر المفسّرين ؛ قالوا : أوجب ـ سبحانه ـ الصوم أوّلا فأجمله ولم يبيّن ، ثمّ ذكر أنّه أيّاما معلومات وأبهم ، ثمّ بيّنه بقوله : شهر رمضان. قال القاضي : هذا أولى ؛ نظرا لأنّه إذا أمكن حمله على معنى من لزوم نسخ كان أولى. ولأنّ ما قالوه زيادة لا دليل عليه (١).
[٢ / ٤٦٥١] أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) يعني أيّام رمضان ثلاثين يوما.
[٢ / ٤٦٥٢] وأخرج عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال : ثلاثة أيّام من كلّ شهر ، ولم يسمّ الشهر قال : كان هذا صيام الناس قبل ذلك ، ثمّ فرض الله عليهم شهر رمضان (٢).
[٢ / ٤٦٥٣] وأخرج ابن جرير وأحمد وأبو داوود وابن المنذر والبيهقي والحاكم وصحّحه عن معاذ بن جبل قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قدم المدينة ، فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيّام من كلّ شهر ، ثمّ إنّ الله جلّ وعزّ فرض شهر رمضان ، فأنزل الله تعالى ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) حتّى بلغ : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه. ثمّ إنّ الله ـ عزوجل ـ أوجب الصيام على الصحيح المقيم. وثبت الإطعام للكبير الّذي لا يستطيع الصوم ، فأنزل الله عزوجل : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٣).
[٢ / ٤٦٥٤] وأخرج أبو محمّد البغوي بالإسناد إلى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهليّة (!) وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يصومه في الجاهليّة (!) فلمّا قدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه ، فلمّا فرض رمضان كان هو الفريضة ، وترك يوم عاشوراء. فمن شاء صامه ومن شاء تركه (٤).
وأخرجه الشيخان أيضا عن هشام عن أبيه (٥).
__________________
(١) مجمع البيان ٢ : ٩.
(٢) ابن أبي حاتم ١ : ٣٠٦ / ١٦٣١.
(٣) مسند أحمد ٥ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ؛ أبو داوود ١ : ١٢٤ / ٥٠٧ ، باب ٢٨ ، باب كيف الأذان من كتاب الصلاة ؛ سنن البيهقي ٤ : ٢٠٠ ؛ الحاكم ٢ : ٢٧٤ ، كتاب التفسير ؛ الدرّ ١ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٤) البغوي ١ : ٢١٤ ـ ٢١٥ / ١٣٦.
(٥) البخاري ٥ : ١٥٤ ـ ١٥٥ ، كتاب التفسير ، باب ١٤ ؛ مسلم ٣ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ، باب صوم عاشوراء.