الصائم في السفر كالمفطر في الحضر (١).
[٢ / ٤٦٠٢] وأخرج أبو داوود عن جعفر بن جبر ، قال : كنت مع أبي بصرة الغفاري صاحب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في سفينة من الفسطاط (٢) في رمضان ، فرفع ، ثمّ قرب غداه فدعا بالسّفرة ، قال : اقترب. قلت : ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة : أترغب عن سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فأكل (٣).
[٢ / ٤٦٠٣] وأخرج عن منصور الكلبي أنّ دحية بن خليفة خرج من قرية من دمشق مرّة إلى قدر قرية عقبة من الفسطاط ، وذلك ثلاثة أميال ، في رمضان ، ثمّ أفطر وأفطر معه ناس وكره آخرون أن يفطروا. فلمّا رجع إلى قريته قال : والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظنّ أنّي أراه ؛ إنّ قوما رغبوا عن هدى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه!! (٤).
[٢ / ٤٦٠٤] وأخرج الترمذي عن أنس بن مالك (رجل من بني عبد الله بن كعب) قال : أغارت علينا خيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدته يتغدّى ، فقال : «ادن فكل. فقلت : إنّي صائم. فقال : ادن أحدّثك عن الصوم ، إنّ الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحامل والمرضع».
قال : حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن (٥).
قال : واختلف أهل العلم في الصوم في السفر ، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيرهم : أنّ الفطر في السفر أفضل ، حتّى رأى بعضهم أنّ عليه الإعادة إذا صام في السفر (٦). حسبما يأتي في كلام أبي جعفر الطبري.
* * *
وبعد فهناك روايات كانت ترخّص الصوم والإفطار ـ حسبما يأتي ـ جاءت مردفة مع الّتي سردناها ، ولكن العمل على أحدث الأحاديث ، كما مرّ في كلام الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام وعرفت من كلام أبي بصرة الغفاري ودحية بن خليفة ، وأنّه عمل الصحابة ، واستغرابهم رغبة
__________________
(١) المصدر ٤ : ١٥٤.
(٢) الفسطاط : أوّل مدينة أسّسها العرب في مصر بالقرب من بابليون على الضفة الشرقيّة للنيل.
(٣) أبو داوود ٢ : ٣١٨ / ٢٤١٢.
(٤) المصدر : ٣١٩ / ٢٤١٣.
(٥) الترمذي ٣ : ٩٤ / ٧١٥ ، باب ٢١.
(٦) المصدر : ٩٠ ، باب ١٨.