الأقارب والأجانب. وأخبارهم الصحيحة به واردة ـ وذكر الأخبار. ثمّ قال ـ : وفي الآية الكريمة ما يدلّ على الأمر به ، فضلا عن جوازه. قال : ومعنى «كتب» فرض ، وهو هنا بمعنى الحثّ والترغيب دون الفرض. ثمّ تعرّض لمذهب سائر الفقهاء وناقشها مناقشة فنّيّة وفق الأصول (١).
وقال المحقّق بشأن تصرّفات المريض : هي نوعان : مؤجّلة ومنجّزة. فالمؤجّلة ، حكمها حكم الوصيّة إجماعا ، وقد سلف. وكذا تصرّفات الصحيح إذا قرنت بما بعد الموت.
أمّا منجّزات المريض إذا كانت تبرّعا ، كالمحاباة في المعاوضات والهبة والعتق والوقف ، فقد قيل : إنّها من أصل المال. وقيل : من الثلث.
قال الشهيد الثاني ـ في الشرح ـ : اختلف الأصحاب في تصرّفات المريض المنجّزة المتبرّع بها ، فذهب الأكثر ـ ومنهم الشيخ في المبسوط (٢) ، والصدوق (٣) ، وابن الجنيد (٤) ، وسائر المتأخّرين (٥) إلى أنّها من الثلث كغير المنجّزة .. وقال المفيد (٦) ، والشيخ في النهاية (٧) ، وابن البرّاج (٨) ، وابن إدريس (٩) ، والآبي (١٠) تلميذ المصنّف : إنّها من الأصل. والمصنّف لم يرجّح هنا أحد القولين ، لكنّه رجّح الأوّل في مواضع متعدّدة من الكتاب (١١).
ثمّ أخذ في بيان منشأ الاختلاف وأنّه من اختلاف الروايات ظاهرا ، فذكرها وناقشها مناقشة فنيّة ، كما وتعرّض لأقوال سائر الفقهاء من العامّة وعالجها على مستوى دلائلهم في قياس المساواة وغيرها ، وتخرّج أخيرا إلى ترجيح القول الأوّل ، كما عليه الأكثر ، وكان في ذلك كفاية ووفاء. فجزاه عن الإسلام خير جزاء (١٢).
وهكذا نجد صاحب الجواهر تبع أثره في حسن الأداء والاستيفاء (١٣).
__________________
(١) مسالك الأفهام ٦ : ٢١٦ ـ ٢١٨.
(٢) المبسوط ٤ : ٤٤.
(٣) المقنع : ١٦٥.
(٤) راجع : المختلف ٢ : ٥١٤.
(٥) راجع : إيضاح الفوائد ٢ : ٥٩٣ وجامع المقاصد ١١ : ٩٤.
(٦) المقنعة : ٦٧١.
(٧) النهاية : ٦٢٠.
(٨) المهذّب ١ : ٤٢٠.
(٩) السرائر ٣ : ١٩٩ و ٢٢١.
(١٠) كشف الرموز ٢ : ٩١.
(١١) راجع : الجزء الرابع من الكتاب (شرائع الإسلام) : ١٥٦.
(١٢) مسالك الأفهام ٦ : ٣٠٤ ـ ٣١٥.
(١٣) جواهر الكلام ٢٨ : ٣٦٤.