[٢ / ٤٣٩٢] والثالث : ما أبقاهم على النار ، كما يقال : ما أصبر فلانا على الحبس ، عن الزجّاج.
[٢ / ٤٣٩٣] والرابع : ما أدومهم على النار ، أي ما أدومهم على العمل بعمل أهل النار. كما يقال : ما أشبه سخاءك بحاتم ، أي بسخاء حاتم. وعلى هذا الوجه فظاهر الكلام التعجّب ، والتعجّب لا يجوز على القديم سبحانه ، لأنّه عالم بجميع الأشياء لا يخفى عليه شيء. والتعجّب إنّما يكون ممّا لا يعرف سببه. وإذ ثبت ذلك فالغرض أن يدلّنا على أنّ الكفّار حلّوا محلّ من يتعجّب منه ، فهو تعجّب لنا منهم.
[٢ / ٤٣٩٤] والخامس : ما روي عن ابن عبّاس ، أنّ المراد : أيّ شيء أصبرهم على النار؟ أي حبسهم عليها ، فتكون ما استفهاميّة.
قال : ويجوز حمل الوجوه الثلاثة الأول على الاستفهام أيضا ، ليكون المعنى : أيّ شيء أجرأهم على النار ، وأعملهم بأعمال أهل النار ، وأبقاهم على النار؟
قال : وقال الكسائي : هو استفهام على وجه التعجّب. وقال المبرّد : هذا حسن ، لأنّه كالتوبيخ لهم ، والتعجّب لنا. كما يقال لمن وقع في ورطة : ما اضطرّك إلى هذا ، إذا كان غنيّا عن التعرّض للوقوع في مثلها. والمراد به الإنكار والتقريع على اكتساب سبب الهلاك وتعجّب الغير منه. ومن قال : معناه ، ما أجرأهم على النار ، فإنّه عنده من الصبر الّذي هو الحبس أيضا ، لأنّ بالجرأة يصبر على الشدّة (١).
__________________
(١) مجمع البيان ١ : ٤٨٠. وراجع : البحار ٧٠ : ٣١٤ ـ ٣١٥.