بأنّها في صفة الأجساد.
أمّا التعبير بأنّهم في أبدان كأبدانهم أو في قالب كقالبه في الدنيا. فلعلّ المراد : أنّها في هيأة أبدان كأبدانهم ، وفي قالب أي في تشكّل كقالبه في الدنيا. لا أنّها تحلّ في أبدان أو في قوالب كما يفرّغ الفلذّ المذاب في قوالب.
فقول المجلسي رحمهالله : تتعلّق الروح بأجساد مثاليّة لطيفة نظير أجسام الملائكة والجنّ. لا موضع له بعد أن لم تكن للملائكة والجنّ أجسام وراء وجوداتها الذاتيّة المجرّدة.
وعليه فقوله الأخير بتجسّم الروح ذاتيّا بلا حاجة إلى أجساد مثاليّة هو الأقرب والأوفق للاعتبار وظواهر التعابير الواردة في الروايات.
ويؤيّد ذلك أنّ الروايات خلو عن شأن أرواح الكفّار ، بماذا تتعلّق بعد مفارقة الحياة؟!
فلا بدّ أنّها تستقلّ في مزاولة حياتها البرزخيّة المعذّبة ، وهكذا تستقلّ أرواح المؤمنين في حياتها البرزخيّة المنعّمة.
واستقصاء البحث بحاجة إلى مجال أوسع.
* * *
أمّا جسمانيّة المعاد ، فتعني إنشاء أبدان لها من نفس العناصر الّتي كان تركّب منها أبدانهم في الحياة الدنيا ، لا أنّ نفس الجسد الّذي فارقه وتركه في القبر ، يعود عودا. الأمر الّذي لا موضع له ولا هو ثابت بدليل ، وسيأتي عنه الكلام مفصّلا في مجاله المناسب.
وبذلك يمكننا دفع شبهات منها شبهة الآكل والمأكول وغيرها ، ومن الله التوفيق.
وبعد ، فإليك من روايات الباب غير الّتي سبقت :
[٢ / ٤٠١٤] أخرج مسلم بالإسناد إلى الأعمش عن عبد الله بن مرّة عن مسروق بن الأجدع ، قال : سألنا عبد الله [ابن مسعود](١) عن هذه الآية : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(٢)؟ قال : أما إنّا قد سألنا عن ذلك (٣) فقال : «أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلّقة بالعرش ، تسرح من الجنّة حيث شاءت ، ثمّ تأوي إلى تلك القناديل ، فاطّلع إليهم ربّهم
__________________
(١) كما صوّبه النووي في الشرح ١٣ : ٣١.
(٢) آل عمران ٣ : ١٦٩.
(٣) أي سألنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو حديث مرفوع.