كمّه! فقال : بارك الله له فيها ، لعلّه أحوج إليها منّي!
وروي عن بعضهم أنّه قال : مررت على سالم مولى أبي حذيفة في القتلى وبه رمق ، فقلت له :
أسقيك ماء؟ فقال : جرّني قليلا إلى العدوّ واجعل الماء في الترس فإنّي صائم ، فإن عشت إلى الليل شربته! فهكذا كان صبر سالكي طريق الآخرة على بلاء الله تعالى.
* * *
قال المولى الكاشاني :
[٢ / ٣٨٧٥] ومن طريق أهل البيت عليهمالسلام ما رواه الكليني عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال الله تعالى : من مرض ثلاثا فلم يشك إلى عوّاده أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ، فإن عافيته عافيته ولا ذنب له ، وإن قبضته قبضته إلى رحمتي» (١) وفي معناه أخبار أخر.
[٢ / ٣٨٧٦] وفي بعضها فسّر التبديل بخير بأن يبدله لحما ودما وبشرة لم يذنب فيها. (٢) وفسّر الشكاية بأن يقول : «ابتليت بما لم يبتل به أحد وأصابني ما لم يصب أحدا ، قال : وليس الشكوى أن يقول : سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا» (٣).
[٢ / ٣٨٧٧] وفي رواية عن الصادق عليهالسلام : «من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها وأدّى إلى الله شكرها كانت كعبادة ستّين سنة ، سئل : ما قبولها؟ قال : يصبر عليها ولا يخبر بما كان فيها فإذا أصبح حمد الله على ما كان» (٤).
[٢ / ٣٨٧٨] وسئل الباقر عليهالسلام عن الصبر الجميل فقال : «ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس» (٥).
* * *
قال أبو حامد : فإن قلت : فبماذا تنال درجة الصبر في المصائب وليس الأمر إلى اختياره ، فهو مضطرّ شاء أم أبى؟ فإن كان المراد به أن لا تكون في نفسه كراهيّة المصيبة فذلك غير داخل في الاختيار؟
__________________
(١) الكافي ٣ : ١١٥ / ١.
(٢) المصدر : ١١٦ / ٦.
(٣) المصدر : ١١٦ / ١ ، باب حدّ الشكاية.
(٤) المصدر : ١١٦ / ٥.
(٥) المصدر ٢ : ٩٣ / ٢٣ ، باب الصبر.