الآخرون في نيّة صادقة. وإنّما الأعمال بالنيّات ، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ ، كما في الحديث (١).
ومن ثمّ كانت كلّ من الصدقة سرّا أو علانية محبّبة وذات أجر جزيل :
[٢ / ٣٤٩٠] روى أبو جعفر ابن بابويه الصدوق بالإسناد إلى عمر بن يزيد عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «صدقة العلانية تدفع سبعين نوعا من البلاء ، وصدقة السرّ تطفىء غضب الربّ» (٢).
حيث كانت صدقة العلانية تبعث على اشتياق الآخرين للمشاركة في هذا العمل الإنساني النبيل ، فربما أوجب التصدّق بدرهم التصدّق بمئات الدراهم.
فإذا كان ينتفع فقير بدرهمك ، فإذا هم لمّة من الفقراء تزوّدوا بدراهم ودنانير!! والسعي وراء إشاعة الخير ، يوجب المزيد من البركات.
[٢ / ٣٤٩١] وجاء في خطبة الإمام أمير المؤمنين ـ عليه صلوات المصلّين ـ المعروفة بالديباج : «عباد الله! إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله ، الإيمان به وبرسله ، والجهاد في سبيله ، وكلمة الإخلاص ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحجّ البيت ، وصلة الرحم ، فإنّها مثراة في المال ومنسأة في الأجل. إلى أن قال : والصدقة في السرّ ، فإنّها تكفّر الخطايا وتطفئ غضب الربّ تبارك وتعالى ، والصدقة في العلانية ، فإنّها تدفع ميتة السوء».
وأضاف عليهالسلام : «وصنائع المعروف ، فإنّها تقي مصارع الهوان» (٣).
فقد كانت كلّ من الصدقة في السرّ والصدقة في العلانية ، ذات حكمة رشيدة ، ففي الأولى إخلاص لله وصون لحرمة الفقير. وفي الثانية ترويج للخير ومزيد من البركات. والجميع محبّب مطلوب. والعمدة هي النيّة الصادقة.
قال تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ
__________________
(١) روى الشيخ أبو جعفر الطوسي بأسانيده إلى الإمام موسى بن جعفر عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّما الأعمال بالنيّات ولكلّ امرىء ما نوى ...». (الوسائل ١ : ٤٩ / ١٠ عن أمالي الشيخ : ٦١٨ / ١٢٧٤ ـ ١٠). وهكذا روى البخاري في الصحيح ١ : ٢.
(٢) ثواب الأعمال : ١٤٣ (ط : نجف) ؛ البحار ٩٣ : ١٧٩ / ٢٠.
(٣) تحف العقول : ١٤٩ ؛ البحار ٧٤ : ٢٨٩ ـ ٢٩٠ ؛ نهج البلاغة : ٢١٦ ، الخطبة ١١٠.