تصدّق بخمس مالك ، فإنّ الله قد رضي من الأشياء بالخمس ، وسائر المال لك حلال» (١).
وروى الصدوق في الفقيه مرسلاً قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : يا أمير المؤمنين أصبت مالاً أغمضت فيه ، أفلي توبة؟ قال : «ايتني بخمسه» فأتاه بخمسه فقال : «هو لك ، إنّ الرجل إذا تاب ، تاب ماله معه» (٢).
ولا ينبغي القدح في سندها مع ورودها في الأُصول المعتمدة ، سيّما الكافي والفقيه ، وعمل كثير من الأصحاب ، بل أكثرهم (٣) ، مع الإجماع المنقول (٤) ، وسنذكر الخبر الصحيح أيضاً (٥) وإن لم يذكروه في مقام الاستدلال.
لكن الإشكال إنّما هو في دلالة الروايات المذكورة ، وأنّ المراد بها هل هو الخمس المصطلح ، أو المعنى اللغوي ، فيمكن القدح بأنّ الأظهر وإن كان ثبوت الحقيقة الشرعيّة ، لكن ثبوتها حتّى في زمان أمير المؤمنين عليهالسلام في محلّ المنع.
سلّمنا ، لكن الخمس ليس من باب سائر الألفاظ مثل الصلاة والصوم والزكاة ، فإنّ هذا اللفظ اسم مرتبة من مراتب الكسور ، وهو باقٍ على حقيقته جزماً في العرف واللغة والشرع ، فغاية الأمر ثبوت الاشتراك اللفظي ، فيرجع في تعيين المراد إلى القرينة.
ولا ريب أنّ التصدّق في الرواية الثانية قرينة على إرادة الوضع اللغوي ، سيّما على ما هو المشهور بينهم من حُرمة مطلق الصدقات الواجبة على بني هاشم (٦) ، وإن كان الأقوى خلافه.
وإطلاق الصدقة على الخمس أحياناً لا يقتضي كونها حقيقة فيه ؛ لأنّ الاستعمال
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٢٥ ح ٥ ، الوسائل ٦ : ٣٥٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٤.
(٢) الفقيه ٢ : ٢٢ ح ٨٣ ، الوسائل ٦ : ٣٥٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٣.
(٣) كالعلامة في المنتهي ١ : ٥٤٨ ، والتذكرة ٥ : ٤٢٢ ، والتحرير ١ : ٧٤ ، والشهيدين في الدروس ١ : ٢٥٩ ، والمسالك ١ : ٤٦٧ ، والروضة البهيّة ٢ : ٦٧ ، والطباطبائي في الرياض ٥ : ٢٤٧.
(٤) الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٦٩.
(٥) سيأتي في ص ٣٤١.
(٦) كالشيخ في الخلاف ٢ : ٢٢٧ مسألة ٥ ، والسيّد في الانتصار : ٨٤ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٥١ ، والعلّامة في المنتهي ١ : ٥٢٤ ، والإرشاد ١ : ٢٨٧ ، والسيّد في المدارك ٥ : ٢٥٠.