ولكن القول الأوّل أقوى ؛ لشُهرته بين الأصحاب كما ادّعاها جماعة (١) ، والإجماع المنقول الذي هو بمنزلة خبر صحيح ، فينجبر ضعف الرواية.
وأمّا الحسنة ؛ فلا تدلّ على أنّ ذلك كان من باب غنائم دار الحرب ، فيمكن أن يقال : إنّه كان من باب سائر الفوائد والغنائم الّتي فيها الخمس من المكاسب والحِرَف ، سيّما مع أنّ في بعض النسخ موضع لوائهم «أوانهم» وفي بعضها «ديوانهم».
ويمكن أن تخصّ رواية المشهور بزمان إمكان حصول الإذن كما هو المتبادر من اللفظ ، وعلى سبيل الجهاد والدعوة إلى الإسلام ، فأمّا في حال الغيبة أو الغزو لمجرّد النهب وجمع المال فيكون من باب سائر الفوائد والأرباح ، لأمن باب غنائم دار الحرب ، ولا من باب الأنفال.
ويمكن حمل الحسنة على الاستحباب كما في جوائز الظالمين.
وقد يتوهّم أنّ حسنة معاوية بن وهب تدلّ على المشهور قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم ، كيف تقسّم؟ قال : «إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم أُخرج منها الخمس لله وللرسولُ وقسّم بينهم ثلاثة أخماس ، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام ، يجعله حيث أحبّ» رواها في الكافي في كتاب الجهاد في باب قسمة الغنائم (٢).
وفيه : مع ما فيه من حكاية التقسيم ومخالفته للإجماع أنّ ظاهر الفقرة الثانية حصول الغنيمة بلا مقاتلة ، لا بدون إذن الإمام أو الأمير المأذون من قبله ، وهو كذلك ، ولا إشكال فيه ، وتقدير كلمة «مع أمير» هنا خلاف الأصل.
وكيف كان فالظاهر أنّ الكلام فيما لو كان الأخذ على سبيل الحرب والغزو باسم الجهاد والدعوة إلى الإسلام.
وأمّا مطلق الأخذ قهراً وغلبةً ولو على سبيل النهب والغارة فلا يفهم من الرواية ،
__________________
(١) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٧٤ ، والروضة البهيّة ٢ : ٨٥.
(٢) الكافي ٥ : ٤٣ ح ١ ، الوسائل ٦ : ٣٦٥ أبواب الأنفال ب ١ ح ٣.