ووجه هذا القول حينئذٍ : أنّ الضمان لا يستلزم التحريم ، فلا ينافي ثبوت الضمان جواز النقل مع وجود المستحقّ ، فإنّ كثيراً من موارد الضمانات غير مُجامع للإثم كما لا يخفى على المطّلع.
ولو لا اشتهار الضمان ودعوى الإجماع في المنتهي لقلنا بعدم الضمان إن قلنا بجواز النقل ، سيّما مع طلب الأفضل ؛ لغلبة انتفاء الضمان مع الرُّخَص الشرعيّة ، والأخبار النافية للضمان في صورة النقل بإطلاقها ، مثل صحيحة بكير بن أعين ، وصحيحة أبي بصير (١) وغيرهما (٢).
نعم لا ريب في رجحان الإعادة ؛ لما دلّت عليه حسنة أبي بصير ؛ ففي آخرها : فقلت لأبي جعفر عليهالسلام : جُعلت فداك ، الرجل يبعث بزكاته من أرض إلى أرض فيقطع عليه الطريق فقال : «قد أجزأته ، ولو كنتُ أنا لأعدتها» (٣).
هذا الكلام مع وجود المستحقّ في البلد ، وأمّا مع عدمه فيجوز النقل بالإجماع ، بل قد يجب ؛ لأنّه مقدّمة للواجب ، وحينئذٍ فلا ضمان بلا إشكال ، والأخبار ناطقة بها خصوصاً وعموماً كما مرّ.
ففذلكة المختار في هذا المبحث وسابقه ، على ما يظهر لي من مجموع الأدلّة ، حرمة التأخير بلا عذر ، مثل طلب الأفضل ، أو انتظار معتاد الطلب ولو بكونه معرضاً للواردين ، المستلزم تركه للعسر والحرج ، أو للتقسيم والتعميم ، والحاصل الحرمة تكاهلاً وتكاسلاً.
والظاهر أنّ النقل من بلد المال إلى غيره لا يُعدّ تأخيراً عرفاً ، فيجوز ، سيّما إذا طلب بها الأفضل ، مع الكراهة في غير طلب الأفضل ، وثبوت الضمان مع التلف في صورة التأخير تكاهلاً إجماعاً ، وفي صورة التأخير للأعذار المذكورة ، ومنها النقل مع وجود
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٥٣ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ٤٧ ح ١٢٣ ، الوسائل ٦ : ١٩٨ أبواب المستحقين للزكاة ب ٣٩ ح ٣.
(٢) الوسائل ٦ : ١٩٧ أبواب المستحقين للزكاة ب ٣٩.
(٣) الكافي ٣ : ٥٥٤ ح ٩ ، الوسائل ٦ : ١٩٩ أبواب المستحقين للزكاة ب ٣٩ ح ٦.