لغنيّ» ولم يقل : ولا لذي مِرّة سويّ (١). وروى مضمون الحديث الأخير في الفقيه (٢).
وروى في الكافي في الصحيح عن معاوية بن وهب قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يروون عن النبيّ أنّ الصدقة لا تحلّ لغنيّ ولا لذي مِرّة سويّ ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «لا تصلح لغنيّ» (٣).
ويمكن أن يكون الوجه في هذه الأخبار : أنّ «الغنيّ» يكفي عن القويّ ، وعن ذي مِرّة سويّ ، فلا حاجة إلى التكرار. وربّما يحمل نفي الأخير على التقيّة.
وقيل : يجوز إعطاؤها للمكتسب من غير اشتراط قصور كسبه ؛ لأنّه غير واجد للكفاية وغير مالك للنصاب (٤). ولا يخفى ضعفه بعد ما تقدّم.
ويجوز للمكتسب أخذها إذا وجب عليه التفقّه الغير المجامع للكسب ؛ لوجوبه مطلقاً. والظاهر أنّه كذلك أيضاً في القدر الكفائيّ من الاجتهاد وتحصيل مبانيه ، فإنّ هذا الفنّ يحتاج دائماً إلى اشتغال جماعة في تحصيله ؛ لكثرة السوانح الرادعة ، وحصول الفوت قبل البلوغ إلى المقصد لكثير ، فقد ترى في كلّ زمان جمعاً كثيراً في كلّ بلد مشتغلون في تحصيل هذا الشأن ، ومع ذلك لا يكمل منهم مقدار ما يكفي العوام.
فلا يمكن أن يقال : يسقط الواجب الكفائي بتحصيل رجل واحد واشتغاله أو اثنين أو ثلاثة ، سيّما مع عدم استعداد كلّ منهم استعداداً يغلب على الظنّ بلوغه مرتبة الاجتهاد.
ثمّ إنّ المكتسب لو قصر كسبه عن كفايته ، جاز له الأخذ إجماعاً ، بل ويجوز أخذه مقدار الغنى وأزيد منه دفعة كسائر الفقراء ، ولا يجب الاقتصار على المتمّم على
__________________
(١) معاني الأخبار : ٧٦ ، الوسائل ٦ : ١٦٠ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٩.
(٢) الفقيه ٣ : ١٠٩ ح ٤٥٨ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٥.
(٣) الكافي ٣ : ٥٦٢ ح ١٢ ، الوسائل ٦ : ١٥٩ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٨ ح ٣.
(٤) حكاه عن بعض أصحابنا في الخلاف ٤ : ٢٣٠.