ويمكن أن يكون الوجه فيه هو أنه بعد البناء على الامتناع ، فان كان الامتناع من الجهة الاولى دخلت المسألة في التعارض بالعموم من وجه ، وإن كان الامتناع من الجهة الثانية فقط دخلت المسألة في باب التزاحم وعند عدم الترجيح يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة غير مأمور بها ولا منهيا عنها فعلا ، فيمكن القول بتصحيحها بالجهة والملاك إن قلنا بكفايته. لكن يشكل قولنا : سواء قلنا بالوجوب أو لم نقل ، فانا إن لم نقل بالوجوب لا تدخل المسألة في التزاحم ، فانها إنما تدخل في ذلك إن كان هناك وجوب للمقدمة ليكون وجوبها مزاحما لحرمتها بناء على الجواز من الجهة الاولى والامتناع من الجهة الثانية. أما وجوب ذي المقدمة فهو لا يزاحم حرمة بعض أفراد المقدمة ، لأن هذه المزاحمة إنما تتأتى في المقدمة المحرمة المنحصرة ، دون ما إذا لم تكن منحصرة وكان للمقدمة فرد آخر غير محرم ، فلاحظ.
نعم ، إن الوجوب الشرطي الآتي من تعلق الوجوب النفسي بالمشروط بتلك المقدمة يكون في قبال حرمتها ، وكذلك الاستحباب النفسي الذي هو متعلق بالكون على الطهارة ، وحينئذ يكون ذلك التقابل من باب الاجتماع ، وحيث نقول بالامتناع وعدم فعلية كل من التحريم ومقابله يمكن القول بالتقرب بجهة ذلك الأمر وملاكه ، سواء قلنا بوجوب المقدمة أو لم نقل بوجوبها.
قوله : نعم إذا بنينا على عدم كفاية الجهة ، فان قلنا بجواز الاجتماع لصحت المقدمة ... الخ (١).
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].