الغيري من الاتيان بها بداعي ذلك الأمر الغيري بحيث يكون الانبعاث إليه ببعثه ، ويكون ما يؤتى به لا بباعثية ذلك الأمر خارجا عن حيّز ذلك الأمر ويكون السلوك في الأرض المغصوبة محرّما لو فعله بغير داعي التوصل إلى إنقاذ الغريق وإن اتفق أن أقدم على إنقاذه بعد ذلك ، كما أنه يكون متصفا بالوجوب لو فعله بذلك الداعي لكنه بعد أن فعله بدا له فلم يقدم على إنقاذ الغريق ، وحينئذ يكون ما افيد نقلا عن الشيخ قدسسره من انحصار المقدمة الواجبة بما قصد به التوصل متجها غاية الاتجاه ، فتأمل.
هذا ما حررناه سابقا ، لكنه لا يخلو عن تأمل ، فان أقصى ما في البين هو أنه لا بد للمكلف من فعل المقدمة بداعي أمرها ، فلا بد أن يقصد بالاتيان بها امتثال ذلك الأمر المتعلق [ بها ] ، أما أنه لا بد أن يقصد بها التوصل إلى ذي المقدمة فذلك أمر آخر يتوقف على أن متعلق الأمر الغيري هو ذات المقدمة أو أن متعلقه هو ذات المقدمة المقيدة بقصد التوصل أو المقيدة بنفس التوصل ، فعلى الأول لا يحتاج في الامتثال إلى أزيد من الاتيان بذات المقدمة بداعي أمرها المفروض أنه متعلق بذاتها ، وعلى الثاني يحتاج إلى قصد ما تعلق به الأمر الغيري وهو المقيدة بالقيد المذكور ، فلاحظ وتأمل.
قوله : فاعلم أن المقدمة المحرمة إذا لم تقع في الخارج على صفة الايصال فهي تقع على صفة الحرمة بناء على ما ذهب إليه صاحب الفصول (١) ـ إلى قوله ـ بلا احتياج إلى الالتزام بالترتب ... إلخ (٢).
لو كان التزاحم واقعا بين وجوب المقدمة وحرمتها لم يمكن اتصافها
__________________
(١) الفصول الغروية : ٨١.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٥١ ـ ٣٥٢.