عدم وجود القيد وإن كان متعلقه هو ذلك الفعل الواجد للقيد ، وحينئذ فيما نحن فيه يكون جواز المقدمة الموصلة مطلقا موجودا حتى في حالة عدم الايصال ، إلاّ أن متعلقه هو المقدمة المقيدة بالايصال ، هذا غاية توضيح ما افيد في هذا التحرير.
ولكنه لا يخلو عن تأمل ، لإمكان الفرق بين الوجوب والجواز ، بقابلية التفكيك في الأول وأثره لزوم تحصيل القيد ، بخلاف الثاني. ومع قطع النظر عن ذلك بأن سلّمنا كون الجواز مطلقا وإن كان متعلقه هو المقيدة بالتوصل ، وحينئذ تكون المقدمة المتصفة بالجواز متوقفة على وجود القيد الذي هو الايصال ووجود الواجب ، فكان الحاصل هو توقف وجوب الواجب النفسي على اتصاف مقدمته بالجواز وهو متوقف على وجوده ، فان نفس الجواز وإن لم يكن متوقفا على وجود الواجب لاطلاقه وعدم كونه مشروطا به ، إلا أن اتصاف المقدمة بالجواز متوقف عليه لفرض كون القيد قيدا للجائز لا للجواز ، وحينئذ نقول إن وجوب الواجب النفسي كما يتوقف على جواز مقدمته فكذلك يتوقف على اتصاف مقدمته بالجواز ، وهو متوقف على وجود الواجب ، فاشكال الكفاية على الفصول بحاله فلاحظ. هذا ما حررناه سابقا.
ولكن لا يخفى أن صاحب الفصول استدل بجواز تصريح الآمر بأنه لا يريد غير الموصلة ، ثم زاد عليه فيما سبق بأنه يجوز أن ينهى الآمر عن غير الموصلة ، وصاحب الكفاية منع جواز تصريح الآمر بأنه لا يريد غير الموصلة ، وذلك قوله : وقد انقدح منه ... إلخ (١) ، كما أنه منع من تصريح
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٨.