على صاحب الفصول إيرادات أخر ، حاصلها أنه لو كان مراد صاحب الفصول من حصر الوجوب المقدمي بالمقدمة الموصلة هو أن بعض المقدمات يترتب عليها الواجب بذاتها ونفسها وبعضها ليست كذلك ، والاولى هي العلة التامة والاخرى هي المقدمات الأخر ، والوجوب منحصر بالقسم الأول ، كان مرجعه إلى حصر الواجب من المقدمات بما يكون من قبيل العلة التامة ، لكنه لا يقول بذلك ، فلا بد أن يكون مراده أن المقدمة الواجبة هي المقيدة بما يختار المكلف بعدها فعل ذيها ، فيكون ذلك عبارة اخرى عن أنّ الواجب المقدمي مقيد بقيد اختياري وهو الاتيان بذيه بعده ، فيكون نفس ذي المقدمة قيدا فيها ، فيكون مقدمة لمقدمته ، وتكون ذات الفعل الذي هو قطع المسافة مثلا مقدمة للمقدمة التي هي المجموع المركب من قطع المسافة المقيدة بوقوع ذي المقدمة بعدها ، ولازم الأول الدور ولازم الثاني التسلسل.
لكن توجه هذا الايراد مبني على أن ذات الواجب النفسي يكون قيدا في المقدمة. ويمكن المنع من ذلك بأن نقول إن الواجب الغيري هو ذات المقدمة التي هي توأم مع وجود الواجب لا الذات المقيدة بوجوده كما مرّت (١) الاشارة إليه ، ويأتي (٢) شرحه إن شاء الله تعالى عند الكلام على ما أفاده صاحب الحاشية ، فلا يلزم منه أن تكون ذات المقدمة مقدمة للمجموع المركب من المقدمة وقيدها ، ولا يلزم منه أيضا أن يكون الواجب النفسي مقدمة لمقدمته لعدم أخذه حينئذ قيدا فيها. على أنّ هذا الأخير ممنوع من ناحية اخرى ، وهي أنا لو سلّمنا كون الواجب الغيري هو الذات المقيدة فلا
__________________
(١) لعل المقصود ما تقدم في صفحة : ٥٦ ـ ٥٧.
(٢) راجع أجود التقريرات ١ : ٣٤٨ ـ ٣٥١ ، وراجع صفحة : ٧٦ ـ ٧٧ من هذا المجلّد.