قوله : فيرد عليه أن جواز المنع عن بعض المقدمات لا يوجب اختصاص ملاك الوجوب الغيري في نفسه بغيرها من المقدمات (١).
هذا تغيير عمّا في الطبعة الاولى (٢) ولا يخلو من خلل ، لأن الغرض
__________________
هذا كله لو كان مراد الفصول هو كون الايصال قيدا في الواجب لا قيدا في الوجوب ، وإلاّ كان وجوبها متوقفا على وجود ذيها وبعد وجوده لا يعقل وجوبها.
ويمكن الجواب عنه : بأن الشرط في وجوبها ليس هو وجوده الخارجي ، بل إن الشرط هو العنوان المنتزع وهو تعقب الواجب النفسي بها ، ومن تعقبه بها نستكشف أنها كانت واجبة. بل نقول إن المكلف إذا حصل له العلم بأنه يأتي بذي المقدمة لكونه بانيا على ذلك ، كان عالما من أول الأمر بحصول شرطها الذي هو العنوان المنتزع ، لكن في كون وجوبها مشروطا بالعنوان المنتزع من وجود ذيها مع كون وجوب ذيها غير مشروط بذلك العنوان ، تفكيك في الملازمة بين وجوبها ووجوب ذيها على ما تقدمت الاشارة إليه [ الظاهر أن مقصوده قدسسره ما تقدم في أجود التقريرات ١ : ٣٣٨ ] في تفسير كلام صاحب المعالم من كون إرادة ذيها شرطا في وجوبها لا في وجوبه ، فلاحظ.
نعم ، إن أخذ العنوان من تعقب الواجب يوقعنا في إشكال آخر ، وهو كون وجوب المقدمة مشروطا بوجودها فيما سيأتي ، لأن محصل كون وجوبها مشروطا بالعنوان المنتزع من تعقبها بذيها هو كون تحققها فيما يأتي المتعقب بذيها شرطا في وجوبها ، فيؤول ذلك إلى اشتراط وجوبها بوجودها فيما يأتي ، وهو محال كما شرحناه فيما تقدم [ في صفحة : ٤٤ فراجع ].
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٤٦.
(٢) [ ويقصد بها الطبعة غير المحشاة وقد ذكر فيها : فيرد عليه أن الأمر بالمقدمة الموصلة فقط إن كان أمرا نفسيا غير مترشح من أمر آخر فمرجعه إلى اشتراط الوجوب النفسي بأمر متأخر وهو الإيصال ، وقد سبق الكلام في إمكانه وامتناعه مفصلا. وإن كان أمرا غيريا مترشحا من الأمر النفسي فيسأل عن أن الملاك في الوجوب الغيري ما هو ، فان التزم بكونه مطلق التوقف وامتناع ذي المقدمة بدون ما فرض كونه مقدمة ، فلا بدّ له من الالتزام بوجوب جميع المقدمات من دون أخذ قيد آخر فيه ، وإن التزم بعدم كفاية ذلك في الوجوب الغيري فلا بدّ له إما من انكار وجوب المقدمة رأسا أو الالتزام بوجوب خصوص المقدمة السببية التي يترتب عليها الواجب قهرا ، وكلاهما مما لا يلتزم به قدسسره فالتفكيك وتخصيص الوجوب الغيري بخصوص الموصلة منها غير معقول ].