قوله : وتوضيح ذلك : أنّ المقدمة بعد ما فرضنا أنّها محكومة بالحرمة في حد ذاتها ، وفرضنا أنّها سابقة على ذي المقدمة زمانا ، وأثبتنا في المقدّمة الاولى أنّ خطابها في مرتبة خطاب ذيها ، فلا محالة يكون وجوبها في تلك المرتبة وحرمتها في مرتبة العصيان ، إذ رفع اليد عن الحرمة إنّما كان لأجل المقدمية ، فإذا فرضنا عدم وقوعها في طريق التوسل الى ذي المقدمة فلا تكون الحرمة ساقطة ، وليس هذا إلاّ عين الالتزام باشتراط حرمتها بالتعقب بالعصيان ... الخ (١).
لا يخفى أنّ هذه المطالب الثلاثة ـ أعني كون المقدمة محرمة في حد ذاتها ، وكونها سابقة في الزمان على ذيها ، وكون وجوبها الغيري في مرتبة وجوب ذيها ـ لا تكون منتجة للترتب ، بل الظاهر أنّ نتيجتها هي ما تقدمت (٢) الإشارة إليه من بقاء الحرمة الذاتية عند عدم وقوعها في طريق التوسل ، وانحصار وجوبها الغيري بما إذا كانت واقعة في طريق التوسل ، وليس ذلك من قبيل الترتب ، بل ولا من باب اشتراط حرمتها بالتعقب بالعصيان ، بل لا يكون إلاّ من باب الأخذ بمقتضى الحرمة الذاتية ، وانحصار الواجب الغيري بما يكون واقعا في طريق التوسل الى ذيها ، إمّا لأنّ الوجوب الغيري مقيّد بارادة ذي المقدمة كما هو عن صاحب المعالم (٣) ، وإمّا لأنّ الواجب مقيّد بقصد التوسل كما عن الشيخ قدسسره (٤) ، أو أنّه مقيد بنفس التوصل كما عن صاحب الفصول (٥) ، أو أنّ الواجب الغيري هو
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١١٠ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) في آخر الحاشية السابقة.
(٣) معالم الدين : ٧١.
(٤) مطارح الأنظار ١ : ٣٥٣ وما بعدها.
(٥) الفصول الغروية : ٨١ ، ٨٦.