ذكرناه من دفع الاستبشاع المذكور ، بعد أن كانت الوجوه التي يتخيّل دفعها له كلّها باطلة عقلا ، فلم يبق بأيدينا إلاّ هذا الوجه المفروض إمكانه بعد ما عرفت من أنّ وجوب المقدمة يكون هادما لموضوع حرمتها ، كما أنّ حرمتها لا تعرض لها بوضع ذلك الموضوع ، الى آخر ما حررناه في إمكان الترتب في هذه المسألة (١) ، وإمكان الجمع بين الوجوب المذكور وبين الحرمة المعلّقة على عصيان الأمر بذي المقدمة ، فانّك بعد أن عرفت إمكان ذلك لم يبق عندنا إلاّ المطالبة بالدليل على أخذ عنوان التعقب شرطا ، وما ذكرناه من إبطال الوجوه السابقة مع ذلك الاستبشاع كاف في الدليل عليه ، وحينئذ فما نحن فيه وإن لم يكن من باب القدرة إلاّ أنّه نظيره في لزوم الالتزام به بعد الفراغ عن الأمور المذكورة ، فلاحظ وتأمل.
وينبغي أن يعلم أنّا في هذا المقام بصدد توجيه ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّه بعد الفراغ عن إبطال الوجوه السابقة في المقدمة الموصلة لا بد من الالتزام بالترتب ، المبني على أخذ عنوان التعقب بالعصيان شرطا في حرمة المقدمة المذكورة ، فلا يكون ما حررناه هنا منافيا لما حررناه هناك (٢) من أنّ الأقوى هو مسلك الشيخ قدسسره (٣) من كون الواجب الغيري من المقدمة ما يكون واقعا بقصد التوصل به الى ذيها ، بناء على ما حررناه في مبحث التعبدي والتوصلي من أصالة التعبدية ، نظرا الى تقيد الواجب قهرا بما يكون بقصد الامتثال ، وأنّ ما يكون بغير هذا القصد لا ينطبق عليه الواجب وإن كان هو مسقطا عنه.
__________________
(١) راجع ما تقدم في الصفحة : ٦٧.
(٢) لاحظ الصفحة : ٧٨ ـ ٧٩ ، فانه قدسسره قوّى مسلك الشيخ قدسسره أوّلا ثم تأمّل فيه.
(٣) مطارح الأنظار ١ : ٣٥٣ وما بعدها.