والعقل لا يرجح هذا الوجه على حكمه باسقاط التكليف السابق بقول مطلق ، بل إنّ العقل يعيّن الوجه الثاني ، وهو إسقاط الخطاب بالقيام السابق بالمرة ، لأنّ تقييده بالعنوان المنتزع من العصيان المتأخر يوجب تقييده بعصيان حفظ القدرة للثاني ، إذ لا يمكن أن يقيد بعنوان عصيان المتأخر أو بالعنوان المنتزع منه مع بقائه مطلقا من ناحية لزوم حفظ القدرة للثاني ، وحينئذ يكون التكليف بالقيام الأول مقيدا بعصيان التكليف بالقيام الثاني وعصيان لزوم حفظ القدرة له ، وذلك موجب للوقوع في المحال الذي أشار إليه شيخنا قدسسره ، هذا.
مضافا إلى أنّ أخذ العنوان المنتزع شرطا لا يكون موجبا لرفع المطاردة كما تقدم (١) منه قدسسره في الجواب عمن أخذ الشرط هو العنوان المنتزع من تحقق العصيان فيما بعد فرارا عن اجتماع الشرط والتكليف المشروط به في زمان واحد.
نعم ، يمكن أخذ العنوان المنتزع شرطا في التكليف السابق من باب شرطية القدرة ، لكن ذلك في مقام آخر وهو ما تقدم (٢) فيما لو كان المهم المعلّق على عصيان الأهم تدريجيا مركبا من أجزاء ارتباطية كما في مثل الصلاة ، بحيث تكون القدرة على الجزء الثاني منها شرطا في توجّه التكليف بالجزء الأول كما هي شرط في توجه التكليف بالجزء الثاني أيضا ، ففي مثل ذلك نقول إنّ عصيان الأمر بالأهم لمّا كان له المدخلية في تحقق القدرة على امتثال الجزء الثاني من المهم ، التي هي حسب الفرض شرط
__________________
(١) [ لاحظ أجود التقريرات ٢ : ٦٥ ـ ٦٦ ، فان الذي يظهر منه هناك أن أخذ العنوان المنتزع على تقدير القول به يرفع المطاردة ، ولعل « لا » في هذه العبارة من سهو القلم ].
(٢) راجع أجود التقريرات ٢ : ٩٨ ـ ٩٩.