واقعي محرز عند المكلف ، غاية الأمر أنّه كان استحبابيا وتخيّله المكلّف وجوبيا ، أو كان أدائيا وتخيّله المكلّف قضائيا ، فانّه في مثل ذلك يتأتى تحليل الداعي والخطأ في التطبيق. أمّا مثل ما نحن فيه ومثل النسيان ممّا يكون التكليف مجهولا ، وتخيل المكلّف أنّ المتوجه إليه هو تكليف آخر فلا يتأتى فيه تحليل الداعي والخطأ في التطبيق ، انتهى.
قلت : لعل الوجه هو ما أشار إليه فيما تقدم نقله عنه قدسسره من لزوم لغوية ذلك الحكم المجهول دائما ، لعدم كونه محركا وداعيا في آن من الآنات ، بخلاف باقي موارد الخطأ في التطبيق ، فانّ الحكم الواقعي فيها يمكن العلم به والالتفات إليه ، فيكون عند ذاك محركا وداعيا. وحاصل الفرق هو دوام المجهولية فيما نحن فيه ، بخلاف باقي الموارد.
وكيف كان ، إنك قد عرفت أنّ أصل التكليف بالنسبة إلى الناسي معلوم ، وإنّما المجهول هو الخصوصية المختصة بالناسي. مثلا التكليف بأصل الصلاة معلوم لديه ، وإنّما المجهول هو كونها إخفاتية باعتبار نسيانه للجهر وهو مع ذلك قد أتى بالإخفاتية غافلا عن كونه قد أخفت.
نعم يمكن أن يقال : إنّ المجهول هو التكليف بالإخفات وهو تكليفه الواقعي ، وقد تخيّل أنّه مكلّف بالجهر ، ولكنّه مع ذلك أخفت نسيانا ، فيكون ممّن كان في الواقع مكلفا بشيء وقد تخيل أنّه مكلّف بشيء آخر مباين للأول ، لكنّه مع ذلك جاء بما هو الواقع لا ما تخيله.
وكيف كان ، فما نحن فيه من صورة الإخفات جهلا بوجوب الجهر لا يكون من هذا القبيل ، بل قد عرفت أنّ التكليف بالإخفات معلوم لدى المكلف ، وإنّما المجهول له هو التكليف الأولي ، نعم قد عرفت أنّ ذلك لا دخل له بمسألة تحليل الداعي ولا بمسألة الخطأ في التطبيق.