بما لو عصيت الأمر الاحتياطي ولم تأت بالإزالة فصلّ.
ومن ذلك يظهر لك أنّ الجاهل بالجهر جهلا مركبا لا يحتاج إلى تقييد الأمر له بالإخفات بعدم الجهر ، ولو كان المكلّف غير معذور في هذا الجهل المركّب لكونه عن تقصير في التعلّم ، ولا يكون حاله بالنسبة إلى وجوب الإخفات إلاّ كحال المباح.
فالعمدة في عدم جريان الترتب في مسألة الجهر والإخفات عند القطع بعدم وجوب الإخفات هو هذه الجهة ، وهي كون الجهر في ذلك الحال بمنزلة المباح. ويضاف إلى ذلك الجهة السابقة ، وهي عدم معقولية تقييد الأمر بالإخفات بعدم الإتيان بالجهر لكونهما من الضدين اللذين لا ثالث لهما ، وإلاّ فلو فرضنا أنّ لهما ثالثا فان قلنا إنّ الواجب هو القراءة الجهرية أو القراءة الإخفاتية والثالث هو عدم القراءة أصلا ، دخلهما الترتب في صورة العلم التفصيلي بوجوب القراءة الجهرية.
وأمّا الأمر الرابع : فانّ أصله هو الإشكال في باب النسيان والجهل من ناحية عدم توجّه الخطاب ، حيث إنّه إن كان مع التفات المكلّف إلى عنوان النسيان والجهل خرج عن ذلك الموضوع ، وإن لم يكن المكلّف ملتفتا إلى ذلك استحال خطابه. والحاصل : أنّ خطاب الناسي والجاهل بعنوان كونه ناسيا أو جاهلا غير ممكن.
وهذا إشكال محل الجواب عنه في بعض مباحث الأقل والأكثر ، وقد تعرض له شيخنا قدسسره (١) في ذلك المبحث وذكر له أجوبة ، واختار في الجواب عنه بأن يكون التكليف بما عدا المنسي شاملا لكل من الذاكر والناسي ، ويكون التكليف بالمنسي مختصا بالذاكر. ونقل هناك الجواب
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٥١٨ ، فوائد الأصول ٤ : ٢١١.