هو تكليفه الأولي المتوجه إليه وإلى عامة المكلفين ، وهو في الواقع ليس كذلك ، بل إنّه إنّما توجّه إليه هذا التكليف باعتبار كونه جاهلا بالتكليف الأولي الذي هو الجهر ، وهذا المقدار من الخطأ لا يضر بصحة عمله ، بل يمكن أن يقال إنّه خارج عن مسألة تحليل الداعي ومسألة الخطأ في التطبيق.
الجهة الثانية : في تقريب جريان الترتب في المسألة المذكورة مبنيا على تحليل الداعي ، فنقول بعونه تعالى : إنّ هذا المكلّف يكون تكليفه الواقعي الأولي هو الجهر ، لكنّه إن خالف ذلك التكليف الأولي وعصاه عصيانا ناشئا عن جهله به يكون تكليفه هو الإخفات ، فالمولى يقول له : اجهر في صلاتك ، وإن عصيت لكونك جاهلا بذلك جهلا ناشئا عن ترك التعلّم فأخفت فيها. فهذا المكلّف قد أتى بالصلاة الإخفاتية امتثالا لأمرها المرتّب على عصيان الأمر بالصلاة الجهرية ، وأقصى ما فيه أنّه كان يعتقد أن ذلك هو أمره الأولي ، في حين أنّه ليس بأمره الأولي ، بل هو أمر ثانوي مشروط بعصيان الأمر الأولي ، وهذا المقدار من الجهل والخطأ لا بأس به ، وهو على الظاهر خارج عن باب الخطأ في التطبيق وتحليل الداعي. نعم ، يرد على هذا التقريب أنّه ليس من الترتب المصطلح ، لأنّ الترتب المصطلح متفرع على شاغلية الأمر الأولي ، والمفروض أنّ الأمر الأولي ليس له مرتبة شاغلية المكلّف ، لكونه في حدّ نفسه مجهولا لديه هذا. مضافا إلى ما تقدّم (١) من عدم تأتي الترتب في الضدين اللذين لا ثالث لهما. ولو كان المراد من الترتب هنا غير ذلك الترتب المصطلح ، بل كان المراد به هو الترتب السابق الذي كان يصطلح عليه شيخنا قدسسره (٢) بالترتب
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٩٢ ، راجع أيضا الصفحة : ٤٠٠ ـ ٤٠٢ من هذا المجلّد.
(٢) كما تقدّم في صفحة : ٣٩٩.