يكن كونه قضائيا واقعا في مرحلة داعويته ، بل الذي وقع في مرحلة داعويته هو كونه أدائيا. وهذه الثانية لمّا الغيت لكونها مخالفة للواقع تكون الجهة الاولى كافية في تصحيح ذلك العمل ، فيكون ذلك من قبيل تعدد المطلوب في التقييد. فلو كان قصده امتثال الأمر المقيّد بكونه أدائيا يكون له مطلوبان : قصد الأمر الواقعي وقصد كونه أدائيا.
وأمّا الأمر الثاني : وهو إجراء تلك الطريقة أعني تحليل الداعي أو الخطأ في التطبيق في كل باب النسيان ، ومنه ما لو نسي من وجب عليه الجهر أن يجهر في صلاته وأخفت فيها ، بأن يقال إنّ التكليف بالجهر مختص بالذاكر والتكليف بالإخفات مختص بالناسي ، فهذا المكلّف الناسي للجهر قد قرأ إخفاتا امتثالا للأمر الواقعي الذي يعتقد أنّه الجهر ، لكنّه أخطأ في اعتقاده ، وإنّما كان أمره الواقعي هو الإخفات ، فهو قد أتى بما هو تكليفه الواقعي غير أنّه كان يعتقد أنّه الجهر وهو في الواقع الاخفات.
وأمّا الأمر الثالث : فمن الجهة الاولى أعني تطبيق تحليل الداعي على مسألة الجاهل بالجهر والإخفات فتقريبه أن يقال : إنّ المكلّف به أوّلا هو الجهر ، لكن هذا التكليف مختص بالعالم به ، أمّا الجاهل به فتكليفه هو الإخفات. أو نقول : إنّ الجاهل بوجوب الجهر يكون تكليفه الواقعي هو التخيير بين الجهر والإخفات ، بمعنى أنّ قراءته لم تكن مقيّدة بالجهر. ويظهر أثر هذين الوجهين فيما لو اتفق أنّه أجهر في صلاته ، فانّها تكون باطلة على الأول وصحيحة على الثاني. وعلى أيّ حال أنّ هذا الجاهل بوجوب الجهر لو أخفت في موضع الجهر كانت صلاته صحيحة ، وإن قصّر وعوقب على تقصيره ، إلاّ أنّه لأجل جهله يكون تكليفه الواقعي هو الإخفات ، وقد أتى بما هو متعلّق ذلك التكليف الواقعي ، غايته أنّه كان يعتقد أنّ هذا