فانّ ذلك المكلّف لو كان قادرا على إنقاذ الاثنين اللذين هما طرف العلم الإجمالي لزمه ذلك ، ولو ترك تحقّق عنده العصيان الوجداني بترك إنقاذ النبي الذي هو أحدهما. ولو لم يقدر إلاّ على إنقاذ أحدهما ففي صورة كون طرف النبي مؤمنا يكون أحدهما واجب الإنقاذ قطعا ، لأنّه إمّا نبي أو مؤمن ، ويكون مقابلة أحدهما بذلك الثالث الآخر المفروض كونه مؤمنا من قبيل مقابلة ما هو محتمل الأهمية لغيره. ولا شبهة حينئذ لدى العقل بترجيحه على ذلك الثالث ، ولا يكون للعلم الإجمالي أثر لفرض عدم القدرة على الجمع بين أطرافه ، بل يكون نظير باب المتزاحمين اللذين يحتمل أهمية أحدهما المعيّن.
وعلى الظاهر أنّه يتأتى فيه الترتب ، ولازمه أنّه لو ترك الجميع يعاقب عقابين ، نظير العقاب في من تركهما مع فرض تساويهما. أمّا العقاب على ترك الأهم لو صادف فيمكن الالتزام به فيما لو كان أحد الفعلين محتمل الأهمية وصادف أنّه أهم في الواقع. أما في مثل المثال أعني محتمل النبوية ففيه إشكال ، إذ ليس ذلك المحتمل معينا ، فهو لو ترك إنقاذ الثلاثة كان تركه في مورد لم يتنجّز فيه إنقاذ النبي الموجود في أحد الطرفين. اللهم إلاّ أن يقال : بعد فرض كون أحدهما نبيا وفرض عدم القدرة على الجمع يلزمه تبعيض الاحتياط بالإقدام على إنقاذ أحدهما ، فلو ترك الثلاثة أو ترك الاثنين وأنقذ الثالث الخارج عن طرفي العلم الإجمالي كان مستحقا لعقاب ترك إنقاذ النبي ، وهو مشكل غاية الإشكال.
هذا فيما لو كان كل من طرفي العلم الإجمالي بالنبوة واجب الإنقاذ في نفسه ، لكون كل منهما مؤمنا. أمّا لو كان صورة العلم الإجمالي هي كون أحدهما نبيا والآخر كافرا ، وكان في البين ثالث خارج عنهما هو معلوم