الترتب والالتزام باسقاط إطلاق الخطاب في طرف المهم إنّما هو في مورد يكون فيه الأهم منجزا ، دون ما إذا لم يكن منجزا ، فلا وجه في المقام لجعل وجوب الجهر مثلا مقيدا بعدم الإخفات أو بعصيان الأمر بالإخفات ، بل لا بدّ من تقييده بالجهل بالأمر بالإخفات ، ومن الواضح أنّ هذا التقييد طريقة اخرى لا ربط لها بعالم الترتب.
ومن ذلك يتضح لك عدم توجّه شيء ممّا في الحاشية الثالثة (١) على ما أفاده شيخنا قدسسره فتأمّل.
مضافا إلى أنّ عمدة هذا الإشكال الثالث هو أنّ العصيان المأخوذ شرطا في وجوب الإخفات مثلا إنّما هو عصيان وجوب الجهر في ظرف كونه مجهولا ، وهو غير محرز. وإن شئت فقل : إنّ الجاهل بوجوب الجهر لا يمكن أن يكون موضوعا لوجوب الإخفات ، بلا فرق بين أن يكون القيد هو ترك الإجهار أو يكون هو عصيان الأمر بالإجهار.
وإن شئت فقل : إنّا بعد أن التزمنا بأنّ موضوع وجوب الإخفات هو ترك الجهر في ظرف الجهل بوجوبه ، لا مطلق ترك الجهر ، وإلاّ لكانت صلاته صحيحة عند تعمده الإخفات مع فرض علمه بوجوب الجهر عليه ، وهذا ممّا لا يقوله أحد ، لم يكن بد من جعل الشرط هو ترك الإجهار في ظرف الجهل بوجوبه (٢) ، بأن يقول : أيّها التارك للجهر عن جهل بوجوبه يجب عليك الإخفات ، وبعبارة اخرى : أيّها الجاهل بوجوب الجهر يجب عليك الإخفات ، وهذا لا يمكن إحرازه للجاهل المذكور ، ويكون حاله من هذه الجهة حال الناسي.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٩٣.
(٢) [ في الأصل : في ظرف وجوبه ، والصحيح ما أثبتناه ].