بل فيما حررته عنه في الاصول في اخريات تنبيهات البراءة تعرض للكلمة المنقولة عن كاشف الغطاء قدسسره من تصحيح المسألة بالترتب ، وأفاد أنّه لعل مقصوده من الترتب في هذا المقام غير الترتب المعروف ، وقد اصطلح عليه بالترتب الشرعي ، وهو راجع إلى مقام الجعل والتشريع ، بأن يكون ملاك أحد الضدين تاما في حد نفسه ، ويكون ملاك الآخر مقيدا بعدم الإتيان بالضد الأول لكون التكليف به مجهولا ، فانّه بناء على ذلك يكون إيجاب الأول مطلقا وإيجاب الثاني مشروطا بعدم تأثير إيجاب الأول لكونه مجهولا ، على تفصيل شرحناه في محلّه من درس الفقه وفيما حررناه عنه في تنبيهات البراءة. وقد تعرضنا لذلك تفصيلا فيما علّقناه على ما حرره المرحوم الشيخ محمد علي عنه قدسسره في تنبيهات البراءة ، فراجع (١).
وهذا كلّه على تقدير أن يكون مراد كاشف الغطاء قدسسره من الترتب هو ذلك الذي احتمله شيخنا قدسسره ، لكن عبارته في كشف الغطاء صريحة في أن مراده بالترتب هو الترتب المعروف الناشئ عن التزاحم المأموري ، فانه قدسسره قال في أثناء البحث الثامن عشر الذي عقده للبحث في أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده لكنه لا يوجب الفساد : وأيّ مانع من أن يقول الآمر المطاع لمأموره إذا عزمت على معصيتي في ترك كذا فافعل كذا ، كما هو أقوى الوجوه في حكم جاهل الجهر والإخفات والقصر والإتمام ، فاستفادته من مقتضى الخطاب لا من دخوله تحت الخطاب ، فالقول بالاقتضاء وعدم الفساد أقرب إلى الصواب والسداد. ومن تتبع الآثار وأمعن النظر في السيرة المستمرة من زمن النبي المختار صلىاللهعليهوآله والأئمة الأطهار عليهمالسلام بل من زمن
__________________
(١) فوائد الأصول ٤ : ٢٩٣ ويأتي تعليق المصنّف قدسسره عليه في أواخر المجلّد الثامن.