التكليف الآخر يكون تحقق ذلك التكليف الآخر متوقفا على عدم امتثال ذلك التكليف الذي يكون امتثاله هادما لموضوعه ، سواء كان متعلّق كل من التكليفين في نفسه صالحا للاجتماع مع متعلق الآخر أم لم يكن صالحا ، ومنه ما نحن فيه من الأمر بالأهم والأمر بالمهم المعلّق على عصيان الأمر بالأهم. وعمدة الكلام في أمثال ذلك هو أن كون أحد التكليفين بامتثاله هادما لموضوع التكليف الآخر ، وكون التكليف الآخر مشروطا بعدم الإتيان بمتعلق الأوّل ، هل يكون مخرجا للتكليفين عن كونهما إيجابا للجمع بين المتعلقين ليصح الأمران فيما كان المتعلقان في أنفسهما غير ممكني الجمع ، أو أن ذلك لا يكون مخرجا للأمرين المذكورين عن كونهما مستلزمين لإيجاب الجمع ، ليصح في خصوص ما أمكن فيه الجمع دون ما لم يمكن.
فخلاصة الكلام في المسألة هو : أنّ الأمرين المذكورين اجتمعت فيهما جهتان متلازمتان : الاولى كون أحد التكليفين هادما لموضوع التكليف الآخر ، والاخرى كون ذلك التكليف الآخر مشروطا بعدم امتثال التكليف الأوّل. فهل يكون كل من هاتين الجهتين أو إحداهما نافعا في إخراجهما عن إيجاب الجمع ، أو أنّه لا يكون شيء منهما نافعا في ذلك؟
قوله : وبالجملة فرض اشتراط طلب المهم بترك الأهم وفرض كونه مطلوبا معه ممّا لا يجتمعان ، ولازم الفرضين هو استلزام الشيء لنقيضه واجتماعه مع علّة عدمه ، وكلاهما مستحيلان ... إلخ (١).
قال قدسسره فيما حررته عنه بعد كلام مفصّل في ذلك ما هذا لفظه : والحاصل : أنّك قد عرفت أنّ مناط الأمر بالجمع هو أن يكون الأمر بالقراءة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٨٢ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].