إنّ الإقامة قاطعة لحكم السفر مع بقاء موضوعه كان حرمة الإقامة من قبيل الأمر بالأهم ، والأمر بالصوم على تقدير الإقامة وعصيان ذلك التحريم من قبيل الأمر بالمهم على تقدير عصيان الأهم ، من دون أدنى فرق بين المسألتين ، فانّه بناء على أنّ الإقامة قاطعة لحكم السفر يكون امتثال النهي عنها بنفسه هدما لموضوع وجوب الصوم ، كما أنّ امتثال الأهم يكون بنفسه هدما لموضوع الأمر بالمهم.
وبناء على أنّ الإقامة قاطعة لموضوع السفر لم يكن امتثال النهي المذكور بنفسه هدما لموضوع وجوب الصوم ، بل إنّما يكون هدما له بلازمه ، لأنّ امتثال النهي المذكور يلزمه أن يكون داخلا في موضوع المسافر ، وذلك اللازم أعني المسافر هو الهادم لموضوع وجوب الصوم ، إذ ليس الهادم لموضوع وجوب الصوم هو مجرد [ ترك ](١) الإقامة.
والحاصل : أنّه إذا قلنا إنّ الإقامة قاطعة لحكم السفر كان عصيان النهي عنها بنفسه شرطا في وجوب الصوم ، فيكون من قبيل الأهم والمهم تحقيقا. وإن قلنا إنّها قاطعة لموضوع السفر كان عصيان النهي عنها محققا لموضوع وجوب الصوم ، أعني عنوان الحاضر ، أو من لم يكن مسافرا. وعلى الأوّل يكون بين وجوب الصوم وحرمة الإقامة واسطة واحدة وهي عصيان حرمة الإقامة ، وعلى الثاني يكون بينهما واسطتان : عصيان الإقامة وتحقق موضوع وجوب الصوم ، أعني الحضر أو عدم السفر (٢) ، فتأمل.
فقد تلخّص لك : أنّ كل تكليف يكون بامتثاله هادما لموضوع
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].
(٢) [ في الأصل : الصوم ، والصحيح ما أثبتناه ].