ثم لا يخفى أنّ ما ذكرنا من تقدم حول الزكاة على حول الخمس الظاهر أنّه يمكن جريانه فيما يعتبر فيه الحول من الزكويات كالأنعام والنقدين ، فانّه إذا فرض أنّ رأس سنة الخمس هو أوّل محرم ، وكان قد ملك النصاب المذكور أوّل ذي الحجة ، واتفق أنّه عند الحساب في أول محرم هذه السنة تبين أنّ عنده خسارات كثيرة ولم يكن عنده فاضل مئونة ، وبقي عنده النصاب إلى أن كمل حوله في ذي الحجة ، فكان عليه أن يزكيه لكنّه لم يفعل ، ولمّا جاء محرم كانت عنده أرباح كثيرة ، فيلزمه تخميس ما عنده إلاّ الناقة التي كانت زكاة. وقد يتصور ذلك في زكاة الغلات بأن يكون له زراعة يتم حاصلها في أثناء سنة الربح فيلزمه أداء الزكاة ، وبعد تمامية سنة الربح يلزمه إخراج خمس باقي ذلك الحاصل إن كان فاضلا عن مئونته. وقد ذكر في العروة (١) في أوائل الزكاة وكذلك في الجواهر (٢) فروعا متعلقة باجتماع النذر والزكاة واجتماع الزكاة مع الحج ، ونحن أفردناها مشروحة في أوراق مستقلة (٣) ، فراجعها إن شاء الله تعالى.
ثم اعلم أنّ ما يكون من التكاليف هادما بامتثاله لشرط التكليف له أمثلة في الفقه كثيرة ، منها ما عرفت من بعض صور الأمثلة السابقة ، ومنها أمثلة في باب السفر والحضر ، كمن كان مسافرا وحرمت عليه الإقامة لجهة من الجهات ، فانّه إن عصى وأقام وجب عليه الصوم ، فهو من أول الفجر إلى الزوال مخاطب بحرمة الإقامة ولزوم تركها ، كما أنّه مأمور في ذلك الوقت بالصوم المشروط بالإقامة التي هي عصيان التحريم المذكور. فان قلنا
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء ) ٤ : ١٩ ـ ٢٥ / مسألة ( ١٢ و ١٣ ).
(٢) جواهر الكلام ١٥ : ٤٣ ـ ٤٨.
(٣) مخطوطة ، لم تطبع بعد.