والعلم بذلك الحكم ، كان من الممكن للشارع أن يكمل ذلك الجعل الذي أورده على نفس الطبيعة بجعل آخر متمم للجعل الأوّل ، ليكون مقتضاه هو التوسعة أو التضييق ، ويكون مجموع الجعلين منطبقا على ما علمه من المصلحة والملاك.
وإن كان المانع هو استلزام التكليف بتحصيل الحاصل أو التكليف بما هو محال ، كما في التقييد أو الإطلاق من ناحية وجود المأمور به أو عدم وجوده ، مضافا إلى ما في ذلك من لزوم كون ما هو معلول الطلب واقعا في مرتبة علته ، استحال فيه كل من التوسعة والتقييد ولو بواسطة متمم الجعل ، وبقي الحال على ما هو المجعول الأوّل من تعلّق الطلب بصرف الطبيعة وذاتها ، معرّاة عن كونها مقيدة بوجودها أو عدمها أو إطلاقها من هذه الناحية ، وليس ذلك من الإهمال الصالح لطرو التقييد أو الإطلاق ، بمعنى كونه المقابل لكل من الإطلاق والتقييد ، بل هو كما عرفت من كمال الوضوح والإيضاح ، وهو تعلّق الطلب بنفس الذات معرّاة عن كل من لحاظ الوجود والعدم ، إذ معنى الإهمال هو ما يحسن السؤال من الشارع بأنّك هل أردت المقيد أو المطلق ، ومن الواضح أنّه في هذه الموارد لا يحسن أن يتوجه السؤال من جانب المكلّف إلى الشارع ، وأنّك هل أردت الطبيعة الموجودة أو المقيدة بالعدم أو المطلقة الشاملة لكلا القسمين ، أو أنّك هل كان طلبك لهذه الطبيعة مشروطا بوجودها أو كان مشروطا بعدمها ، أو كان طلبك مطلقا شاملا لكل من الطرفين بحيث إنّه كان واردا على الطبيعة في كل من حالتي وجودها وعدمها ، كل ذلك غير معقول ، إذ لا يعقل الشك والترديد من المكلف في مثل ذلك ، وهو ممّا يكشف أنّ ذلك الحكم لا غموض فيه من هذه الناحية ولا إجمال ولا إهمال ، بل إنّه من أوضح