نفس الإتيان بالفعل في أوّل الفجر يكون أيضا متأخرا رتبة عن كل من تحقّق ذلك الشرط وتحقّق الوجوب المشروط به من دون تأخر زماني ، ولو تأخر زمانا لم يكن ذلك التأخر سائغا ، لكون الوجوب المذكور إنّما تعلق بالفعل الذي يكون في أوّل الفجر.
ولعلّ هذا التقرير هو المراد لشيخنا قدسسره (١) من أنّه ليس في البين إلاّ التأخر الرتبي دون التأخر الزماني ، بأن يكون ذلك مبنيا على كون تحقّق نفس الوجوب وفعليته غير محتاج إلى زمان ، وإنّما المحتاج إلى الزمان نفس جعله وتشريعه ، أعني جعل الوجوب على تقدير طلوع الفجر ، ومن الواضح أنّ فعل الصوم في أوّل الفجر لم يكن مقارنا في الزمان لتشريع ذلك الوجوب التعليقي وإنشائه ، كي نكون واقعين في ذلك المأزق الذي ينحصر التخلّص منه بالتقدير المذكور.
نعم ، بناء على هذا التقرير لا يحسن التعبير بأنّ الفعل الواجب مقارن في الزمان للوجوب ، لما عرفت من أنّ نفس فعلية الوجوب لا زمان لها كي يكون فعل الواجب مقارنا في الزمان لتلك الفعلية.
بل يمكن أن يقال : إنّ نفس الشرط ليس هو بزمان ولا زماني ، فانّ الشرط في مثل الزوال والفجر ونحو ذلك ليس إلاّ عبارة عن انتهاء ما مضى. وبعبارة اخرى : أنّ الشرط في مثل ذلك ليس هو بجزء من الزمان ، بل هو الحد الفاصل بين أجزاء الليل وأجزاء النهار ، ومن الواضح أنّه ليس هو بآخر جزء من الليل ولا بأول جزء من النهار ، بل هو حد وهمي لا وجود له ، وهو المقسّم لمجموع أجزاء الليل والنهار على ما حقّق في
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٦٠.