الفرد مطلوب منه إيجاد الصلاة باعتبار كونه من جملة المخاطبين ، لا أن له صلّ خاصة به من جانب الشارع ، وإنما هي قضايا انتزاعية ينتزعها العقل من القضايا الحقيقية ، ولا يكون محصل ذلك الانتزاع إلاّ ما عرفت من عدم المعذورية في المخالفة أو المعذورية ، من دون فرق في ذلك بين كون تلك الكبرى بلسان الطلب كما في مثل : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) أو كونها بلسان الاخبار عن التكليف الذي هو الوجوب ، مثل أن يقول إن كل مكلف تجب الصلاة في حقه ، فان جعل الكبرى وإن انحل إلى صغريات إلاّ أن الحكم في كل من تلك الصغريات لم يكن مجعولا مستقلا ، بل ليس هو إلاّ عين الحكم الذي تضمنته الكبرى.
وعلى كل حال ، أن هذه التقييدات الشخصية الناشئة عن القدرة العقلية لا تلحق الحكم الذي تضمنته الكبرى ، بل ولا الحكم الانتزاعي في الصغرى ، وليست هي في الحقيقة تقييدات شرعية وهو واضح ، ولا عقلية إذ لا محصل للقيد الذي يحكم به العقل إلاّ حكم العقل بأنه لا بدّ للشارع أن يقيد الحكم به ، فيعود القيد شرعيا وان كان هو بحكم العقل ، ولا محصل لكون القيد قيدا عقليا صرفا في الحكم الشرعي إلاّ ما عرفت من مجرد المعذورية ، ويكون الحاصل فيما نحن فيه هو وجود الأمرين الأمر بالازالة والأمر بالصلاة ، غير أن المكلف لو فعل الأوّل كان معذورا من ترك امتثال الثاني ، ولو ترك الأوّل لم يكن معذورا في تركه بل ولا في تركه الثاني ، ومع ذلك يمكنه في ذلك الحال ـ أعني حال تركه الأوّل ـ الاتيان بالثاني امتثالا لأمره ، وهذه هي حقيقة الأمر الترتبي.
وإلى هنا ينتهي البرهان على صحته في الأحكام الكلية ، وأما في القضايا الخاصة مثل أن تقول لولدك أخرج إلى السوق فان عصيت فاشتغل